6 أكتوبر، 2024 - 3:14 م

الهند من تسامح غاندى وعدم انحياز نهرو إلى تطرف مودى !!

 

                           بقلم …. فهمي عنبة

ماذا حدث للهند ؟! .. وهل يمكن أن تتغير طباع الشعب وفقاً لتبدل الحكومات ومعتقدات الحزب الحاكم ؟! .

عرف العالم الهند المسالمة التى كانت درة التاج البريطاني .. ولكنها قاومت مع زعيمها المهاتما غاندى حتى حصلت على استقلالها دون إراقة دماء المحتلين أو استخدام العنف معهم أو المقاومة المسلحة رغم بطش البريطانيين .. ولكن غاندى بروحه الصافية وزهده وتقشفه وتسامحه حتى مع الأعداء ، جعل الشعب يستغنى عن كل ما هو انجليزى ولا يتعامل معهم .. فهو يزرع طعامه ويحيك ملابسه .. وأصبحت طريقة « الساتيا جراها » أو مقاومة الاحتلال والاستبداد بالعصيان المدنى الشامل منهج حياة للهنود من بعده !! .

جاء تلميذه « نهرو » الذى أصبح أسطورة فى العالم بقيادته لأكبر ديمقراطية ورغـم التنوع والاختلاف فى الأديـان واللغات بين مئات الملايين من البشر يعيشون فيما أصبح الـقـارة الهندية .. إلا أنــه تحول مـع تيتو « يوغسلافيا » وعبدالناصر « مصر » إلى دعاة لعدم الانحياز بين القوتين الأعظم فى عز الحرب الباردة .. ومن بعده حملت الراية ابنته أنديرا وظـل الأمـر كذلك طـوال فترة حكم حزب المؤتمر الوطنى وعــاش الهندوس مـع المسلمين والسيخ والبوذيين والمسيحيين وأصحاب عشرات المعتقدات على أرض الهند حافظين وصايا «الأب الروحي» غاندى والمؤسس «الجوهرة الحمراء» نهرو ثم ابنته.. إلى أن صعد للواجهة حزب « بهاراتياجاناتا » اليمينى الهندوسى الذى اعتلى صدارة المشهد وأمسك بالحكم منذ عام ٢٠١٤ وأصبح «ناريندار مودي» رئيساً للوزراء .

لا ننكر أنه حتى فى أيام غاندى ونهرو كانت هناك صدامات بين المسلمين والهندوس أو السيخ .. كما كانت هناك قلاقل بصورة شبه دائمة فى ولاية جامو وكشمير حتى حصلتا على الحكم الذاتى فى النهاية.. ولكن لم تكن الأمور تصل إلى التفكير فى الهدم الممنهج للمساجد ولمنازل المسلمين وإجبارهم على الرحيل والهجرة أو التحرش بنسائهم وبيعهن كالسبايا فى مـزادات وهمية على الإنترنت ومنع بناتهم من الذهاب للدراسة وهن محجبات.. كل ذلك وأكثر يعانى منه المسلمون فى عهد حزب « بهاراتياجاناتا » ولكنهم ظلوا صابرين طــوال 8 سـنـوات حتى خرجت المتحدثة الإعلامية باسم الحزب مؤخراً فى برنامج تليفزيونى وقامت على الهواء بالإساءة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وإلـى أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها، وتبعها مسئول آخر بالحزب أيدها وزاد فى التطاول .

أمام مظاهرات المسلمين فى عدة ولايات هندية واحتجاجات الـدول العربية والإسلامية .. اضطرت الحكومة الهندية لإجبار المتحدثة على الاعتذار وإيقافها عن العمل فقط .. وقالت إن المسئول الآخر هو مجرد عضو بالحزب وليس بالحكومة التى اكتفت بذلك ولم تطردهما من الحزب مثلاً أو حتى تعتذر الحكومة رسمياً للمسلمين فى العالم .. لأنها تعلم أن العرب والمسلمين لا يتخذون موقفاً موحداً فى أى قضية ، وسبق أن تطاول العديد من المسئولين فى دول غربية على الاسلام والمسلمين وعلى النبى وانتهى الأمر فى النهاية دون عقاب حقيقى للمسيء !!.

أصدر الأزهر الشريف بياناً قوياً جاء فيه : ” إن الإسـاءة إلى رسول الإسـلام وأزواجــه بـذاءة وجهل فاضح بعلم مقارنة الأديان وتاريخ الرسل والأنبياء .. وأن مثل هذا التصرف هو الإرهاب الحقيقى بعينه .. وأن ما يلجأ إليه بعض المسئولين السياسيين مؤخراً من إساءة للإسلام وإلى نبيه الكريم ، نبى العفة والأدب والطهارة لكسب تأييد أصوات فى انتخابات الأحـزاب وتهييج مشاعر أتباعهم ضد المسلمين هو دعوة صريحة للتطرف وبث الكراهية والفتنة بين أتباع الأديان والعقائد المختلفة .. وعلى العالم المتحضر أن يقف بالمرصاد لأمـثـال هــؤلاء المتاجرين بــالأديــان والمقامرين بالقيم الإنسانية العليا فى بورصة الانتخابات السياسية ” !!.

كانت تعليقات وردود الأفعال الشعبية على مواقع التواصل أقـوى مما اتخذته بعض الحكومات العربية والاسلامية ، وأثار وسم « إلا رسول الله .. يا مودي » التفاعل ونادى أغلبهم بمقاطعة البضائع الهندية .

طالما ظلت الـدول العربية والاسلامية تواجه الإسـاءة إلى الاسـلام والتطاول على المقدسات وعلى الرسول ببيانات الشجب والإدانة التى تصدر بشكل منفرد من كل دولة على حدة دون اتخاذ موقف موحد .. فإن المتطاولين سيتمادون ولن تتوقف الإسـاءات ، وبعد أن كانت تأتينا من دول بعيدة كالدانمارك ونيوزيلندا، أصبحت الإساءة تصدر من مسئولين فى دول صديقة تربطها بدولنا علاقات تاريخية ولها مع العرب مصالح سياسية واقتصادية واستراتيجية مثل الهند !! .

يوجد أكثر من 9 ملايين هندى يعملون فى دول الخليج ، وما يتم تحويله من عملة صعبة يمثل قيمة كبيرة للدخل القومي الهندى .. كما أن الخليج مصدر الطاقة الأساسى للهند بخلاف مصالحها مع باقى الدول العربية ؛ إلى جانب العلاقات التاريخية للشعوب .. والأهم بالطبع ان معظم المصالح الإقتصادية للهند مع العرب والمسلمين من اول البترول والغاز الى الملايين العاملين فى الخليج وتحويلاتهم الى الصادرات الهندية بالمليارات الى دول العالمين العربى والاسلامى وصولاً الى مئات الملايين من المسلمين الذين يمثلون اكبر شريحة من الجماهير التى تُشاهد الاعمال الفنية التى تنتجها ” بوليوود ” من أفلام ومسلسلات ولولاهم ما انتعشت السينما الهندية والقنوات الفضائية التى تعرض اعمالها ولا امتلأت بالإعلانات .. فماذا لو قاطعوا البضائع والمنتجات والأفلام الهندية؟! .

مازال العرب ينتظرون من الهند الكثير لإثبات حسن النوايا فى قضية الاســاءة إلى الرسول و أقلها الاعتذار الواضح الصريح من الحكومة وإقالة المتحدثة وليس ايقافها عن العمل .. والأهم تحسين التعامل مع المسلمين فى مختلف الولايات وإعادة الحكم الذاتى إلى جامو وكشمير الذى ألغته الحكومة الحالية ، فلا يمكن أن تضحى نيودلهى بسهولة بمصالحها مع 22 دولـة عربية ومـع كل الـدول الاسلامية أو يكون هدفها التخلص من المسلمين الذين يبلغون 200 مليون مسلم من دولة تعدادها مليار و380 مليون نسمة ؟!!.

بعد القرار الهزيل لحكومة مودى بايقاف المتحدثة الرسمية للحزب وعدم التحقيق معها أو إدانتها أو طردها من وظيفتها من الحزب ..
لابد من وقفة عربية اسلامية موحدة أمام كل من يسيئون إلى الإسلام والرسول صلى الله عليه وسلم وآل البيت ويعتدون على المقدسات و على المساجد وعلى المسلمين فى أى مكان على وجه الأرض .. وإلا ضاع المسلمون وهيبتهم وزاد اضطهادهم والتطاول على مقدساتهم ورسولهم وقرآنهم الكريم .. اما الإسلام فهو دين الله الذى ارتضاه لنا واذا كان العرب والمسلمون غير قادرين على نصرته وحمايته .. فله رب يحميه !!

زاد الاستقطاب فـى الهند وتـعـددت حـــالات الكراهية والتعصب والإسلاموفوبيا.. ومع ذلك لا يمكن أن نصدق ما يتردد أن الهندوس مصممون على هـدم كل المساجد والآثـــار الاسلامية فى الهند بما فيها التحفة المعمارية « تاج محل » وتغيير المناهج الدراسية وحذف كل ما يشير إلى الحكام المسلمين العظماء الذين شكلوا أهم فترات التاريخ الهندي .. ظناً أنهم يتخلصون بذلك من كل ما يربطهم بالاسلام والمسلمين .. فهل هذا ممكن .. بالطبع مستحيل ؟!!.

**************
عالم دون رعب نووي !!

من الواضح أن المفاوضات بين إيــران وأمريكا والـدول الغربية لإعادة الاتفاق النووى الذى انسحب منه الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب مازالت متعثرة وسيطول أمدها.. فالانسحاب الأمريكى أعطى طهران فرصة لتكسب وقتاً وربما تفاجئ العالم يوماً بإجراء تجربة نووية !!.

لم تجد أمريكا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا أمامها سوى التقدم لاستصدار قرار إدانة لإيران من مجلس محافظى الوكالة الـدولـيـة للطاقة الـذريـة الـــذى يضم ٣٥ عـضـواً وبـدأ اجتماعاته الاثنين الماضى ويختتم غداً ، وإذا تم تبنى القرار الأمريكى الغربى فستجد إيـران نفسها فى موقف صعب وتتعرض لعقوبات دولية صارمة !!.

بالتأكيد نحن مع إخـلاء العالم كله من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل والكيماوية والبيولوجية .. وكل ما يدمر البشرية .. ومصر موقفها ثابت وواضـح منذ سنوات ، حيث تنادى بإخلاء الشرق الأوسـط من الأسلحة النووية وإخضاع منشآت دول المنطقة للتفتيش الدوري .. لذلك كان من الغريب قيام رافائيل جروسى مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة لإسرائيل قبل ساعات من انعقاد مجلس المحافظين .. أولا لأن اسرائيل لا تعترف بالوكالة ولم تنضم إليها ولم تلتزم أبداً بقراراتها، و بالتالى ليست عضواً بمجلس المحافظين .. والأهم أنها ترفض الإعلان عن برنامجها النووى أو إخضاع منشآتها النووية للتفتيش .. فلماذا إذن كانت الزيارة ؟! .

تدعى اسرائيل أنها تمتلك معلومات استخباراتية عن تفاصيل برنامج إيران النووى ولديها وثائق وصور للمنشآت وتعلم تماماً حجم كميات اليورانيوم المخصب التى تمتلكها.. وأن أمريكا ضغطت على رئيس الوكالة للتواصل مع تل أبيب ولقاء نفتالى بينيت رئيس وزرائها للحصول على هذه المعلومات ووضعها أمام أعضاء المكتب التنفيذى ليوافقوا على إدانة إيران !!.

.. ومن الغرائب والعجائب ، أن أمريكا هى الدولة الوحيدة على وجه الأرض التى استخدمت القنابل الذرية ودمرت هيروشيما وناجازاكى وقتلت وشـردت وشوهت الملايين من اليابانيين .. وهـى التى زرعـت فى الأرض الرعب النووى والـخـوف مـن فناء البشرية .. ورغــم ذلــك تـرتـدى ثوب الناصحين والمدافعين عن القيم والأخلاقيات والديمقراطية فى العالم .. وتحذر من وقوع الأسلحة النووية فى أيدى دول أنظمتها غير مسئولة ، فتستخدمها فى تدمير منطقتها أو الدول التى تعاديها !!.

الأغـرب من كل ذلـك ، ليس « صمت الحملان » لكل عواصم العالم عن البرنامج النووى الإسرائيلي فقد اعتدنا على ذلك فى ظل نظام عالمى غير عادل يكيل بمائة مكيال !! ، وليس غريباً أيضاً زيـارة رئيس الوكالة لتل أبيب رغـم عـدم اعترافها بوكالته وعـدم استقبالها لمندوب الوكالة قبل ذلك للتفتيش ؛ لاننا نعلم ان قرار الوكالة ليس بيدها ولكنه يُفرض عليها من البيت الأبيض فى واشنطن !! .. ولكن الأغرب والأعجب كان عدم صدور أى بيان من الجامعة العربية سواء بالتنديد بالزيارة أو حتى لمطالبة رئيس الوكالة بمناقشة البرنامج النووى الاسرائيلى خلال اجتماعه مع بينيت أو عرض ذلك أمام مجلس محافظى الوكالة الذى يضم ٣ دول عربية !!

اقراء المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد مرة أخرى

Copyright © All rights reserved.