19 مايو، 2024 - 7:43 ص

دولتان تتحديان الإجماع الدولى.. العالــــم يحاكــــم إسرائيــــل !!

الكاتب الصحفي فهمى عنبه

                    بقلم …. فهمي عنبة

هل يمكن أن يستمر نظام دولى فى ظل تشجيع القوة العظمى المهيمنة عليه للحروب والـعـدوان وإبــادة البشر ووقوفها وحدها مع المعتدى ضد كل دول العالم ؟! .

.. وإذا عجزت المنظمة التى ارتضت الأمم جميعها أن تجعلها مظلة لحماية السلم والأمـن الدوليين عن وقف الحروب فلمن يلجأ الضحية .. وما هى الجهة التى يمكنها
إنقاذ خيار السلام على وجه الأرض ؟! .

استخدمت الولايات المتحدة للمرة الثالثة حق النقض « الفيتو » ضد مشروع قرار جزائرى يطالب بوقف العدوان الاسرائيلى الوحشى على غزة .. رغم موافقة ١٣ عضوا بمجلس الأمن وامتناع بريطانيا عن التصويت وهى الحليف الأول والدائم لأمريكا .. مما يعنى ان كل دول العالم تقف فى جهة وأمريكا وحدها هى التى تؤيد اسرائيل بعد أن تخلى عنها جميع الحلفاء الدولة تلو الأخـري .. وبذلك فإن دولتين فقط تتحديان الاجماع
الدولى وتقفان ضد الكرة الأرضية !! .

بعد عجز مجلس الأمن لم يكن أمام الدول المحبة للسلام سوى الجمعية العامة التى دائما ما تجد فيها القضية الفلسطينية التأييد وان كانت قراراتها شرفية وغير ملزمة .. المهم ان الجمعية طلبت من محكمة العدل الدولية منذ عام ٢٠٢٢ ابداء الرأى الاستشارى حول تبعات الممارسات والسياسات الاسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام ١٩٦٧ بما فيها القدس .. وتلقت المحكمة حتى ٢٥ يوليو الماضى المذكرات المكتوبة من الدول التى تريد ابداء رأيها وبالفعل تقدمت ٥٢ دولة بإفاداتها المكتوبة وبدأت محكمة العدل اسبوعاً من الجلسات العلنية ينتهى الاثنين القادم لتقدم كل دولة مرافعتها الشفهية .. وهـذه القضية تختلف عن الدعوى التى رفعتها جنوب افريقيا وتتهم فيها اسرائيل
بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية وقال مندوبها أمام المحكمة ان الفصل العنصرى فى إسرائيل أكثر تطرفاً مما كان فى بلادنا قبل عام ١٩٩٤!! .

تقدمت مصر بمذكرتين للمحكمة وأمس كانت مرافعتها الشفهية التى تضمنت عدم شرعية الاحتلال الاسرائيلى المستمر منذ ٧٥ عاماً فى ظل سياسات الاستيطان وطرد الشعب الفلسطينى وتهجيره ومـصـادرة أراضـيـه وضمها وهــدم المـنـازل ومنعه من تقرير مصيره وإقامة دولته .. إضافة إلى سياسات الاحتلال فى التمييز العنصرى وانتهاك مبادئ القانون الدولي .

وطـالـبـت مصر بــضــرورة وقــف سياسات الاحـتـلال العنصرية وانـسـحـاب اسـرائـيـل فـوريـا من الأراضـــى الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس وتعويض الشعب عن المآسى التى لحقت به نتيجة ممارسات العدوان وأن تمتنع دول العالم عن الاعتراف بأى أثر قانونى للإجراءات الاسرائيلية .. وأكدت مصر ضرورة قيام المنظمات الدولية والأمم المتحدة بمسئولياتها .

لا توجد دولة فى العالم مثل اسرائيل واجهت هذا الاجماع الدولى على رفض ممارساتها والاسـراع فى تقديم المرافعات ضدها عند محاكمتها وإثبات التهم عليها وإدانتها .. كما انها ربما المرة الأولى أيضاً التى تنظر محكمة العدل الدولية فى دعـويين مختلفتين ضد دولة واحدة الأولى أقامتها جنوب افريقيا ضد اسرائيل وتضامنت معها العديد من الـدول وفى نفس الوقت تعقد المحكمة جلسات لإبداء الرأى ضد هذا الاحتلال .. وكل ذلك حتى لو كان شكلياً هو نصر للقضية الفلسطينية وللشعب وللمقاومة وخطوة على طريق اقامة الدولة وعاصمتها القدس فى ظل هذا الاجماع الدولى ورغم أنف بايدن ونتنياهو !! .

صحيح ان الجمعية العامة طلبت هذه الاستشارة من محكمة العدل منذ عام ٢٠٢٢ أى قبل العدوان على غزة بأكثر من سنة .. وصحيح أيضاً ان رأى المحكمة استشارى وغير ملزم وانها سبق وأصـدرت قـرارا منذ ٢٠ عاما ضد اسرائيل وطالبتها بتفكيك الـجـدار الـعـازل لمخالفته للقانون الدولى وبالطبع لم يتم تنفيذه لأنـه يصطدم بالفيتو الأمريكى عندما يتحول الأمر إلى مجلس الأمن .. إلا أن فضح الممارسات الصهيونية أمام المحكمة وأمام شعوب العالم فى حد ذاته إدانة دولية جديدة للاحتلال الاسرائيلى والعنصرية التى تمارسها حكومة نتنياهو الصهيونية المتطرفة .. ويكشف زيف ادعاءات واشنطن بالعدالة والديمقراطية وحقوق الانسان وانها حارسة السلام الدولي .. والغريب ان سياسات أمريكا تدمر النظام الدولى الذى تقوده !!

أصبح من الضرورى والمحتم أن تتفق دول العالم على نظام دولى جديد بأسرع وقت يتميز بالعدالة والإنسانية ولا يسمح لدولة بالسيطرة عليه أو يعطى لعدة دول حق الفيتو ويحرم منها باقى الـدول .. ولا أدرى لماذا لا تقوم دول العالم الثالث ومن يؤيدها بالانسحاب من الأمم المتحدة وإعلان فشلها وانتهاء دورها وعجزها وإعلان نظام عالمى جديد يحقق المساواة بين جميع الدول .. فهل نرى ذلك قريباً ؟! .
******
كلمة العرب الواحدة .. قبل الوحدة !!

•• هـل مـــازال أحــد يتذكر الـوحـدة بين مصر وسوريا وانه كانت هناك دولة اسمها « الجمهورية العربية المتحدة » .. بل هل هناك من لا يزال يؤمن بالقومية العربية وامكانية تحقيق الوحدة أو على الأقل التكامل بين بلدان الأمة من المحيط إلى الخليج ؟! .

فى مثل هذا اليوم ٢٢ فبراير .. ولكن عام ١٩٥٨ وقـع الرئيسان المصرى جمال عبدالناصر والسورى شكرى القوتلى ميثاق تأسيس الجمهورية العربية المـتـحـدة بـرئـاسـة عبدالناصر وعاصمتها القاهرة لتجسد « الحلم العربي » الـذى ظل يداعب خيال الأجـيـال .. ولكنه تحطم على أرض الواقع واستيقظت الشعوب على كابوس الانفصال فى سوريا يوم ٢٨ سبتمبر عام ١٩٦١.. وهو نفس اليوم الذى توفى فيه عبدالناصر بعد ٩ سنوات !! .

لم يكن الانفصال صدمة لناصر وحـده .. ولكن للشعوب العربية .. ولا نبالغ إذا قلنا إنـه كـان كذلك لكل الــدول النامية التى كانت تبحث عن استقلالها فى العالم الثالث وضربة لحركات التحرر فى افريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية .. حيث كان فشل الوحدة رسالة بانتصار القوى الاستعمارية وضربها أى محاولة للحرية والاستقلال السياسى عن التبعية للقوى العظمى المهيمنة على
العالم !! .

‏دارت الأيام .. ومرت ٦٦ سنة .. تغير فيها كل شىء .. وكانت حرب أكتوبر ١٩٧٣ آخر مرة توحدت فيها كلمة العرب ” وليس بلدانهم ” .. وبعدها بدأ تبعثر الأمة وزادت الخلافات .. لدرجة ان أبناء الأجيال الجديدة معظمهم لم يعد يؤمن بالوحدة ولا بالقومية ولا حتى باللغة العربية .. ولم يسأل أحد لماذا ؟! .

‏كان هناك تصميم من الدول الغربية بعد انتصار العرب في حرب أكتوبر على تنفيذ سياسات تفرق بين الشعوب العربية وعلى زرع ثقافات دخيلة تبهر الشباب وتنزع عنهم الانتماء وتجذبهم نحو الحياة ‏الغربية كنموذج للتقدم والتحضر .. ‏وأقنعوهم ان أبناء الدولة العربية الشقيقة ليسوا أصدقاء ولا أشقاء ولكنهم ينافسون بلادهم .. وللأسف بدأ التنافس والتنابذ بين أبناء العرب حتى فى الألعاب الرياضية وكرة القدم فهم يلعبون وكأنهم يتقاتلون وبدلاً من ان تقربهم الرياضة زادت من فرقتهم وزرعت التعصب .. وكذلك فى الفن وفى مختلف المجالات بدلاً من العمل معاً والتكامل فيما بينهم !! .

الأصعب .. كان التنافس ضد بعضهم للحصول على المناصب فى المنظمات الدولية وبدلاً من الوقوف خلف ” مرشح واحد ” يعاندون بعضهم فيطير المنصب من العرب لتفرق الأصوات ويذهب إلى شخص غير عربى .. والعجيب ان كلا المتنافسين يكون سعيداً رغم رسوبه لان غريمة العربى لم يفز !! .

‏من رحمة الله أنه يخلق من وسط المحن والأزمات بعضاً من النعم والمنح .. ورُب ضارة نافعة .. فرغم مأسآة الشعب الفلسطيني والمذابح الصهيونية في غزة فقد وحد ذلك الشعوب العربية وعادت القضية المحوريه إلى بؤرة الاهتمام وبدأت الاجيال الجديدة تستعيد بعضاً من ” الحلم ” !! .

وحتى تكتمل الصورة الوردية ويزداد الأمل فى المستقبل .. مطلوب من قادة الفصائل الفلسطينية تحكيم العقل وتغليب مصلحة الشعب وان ينتبهوا للمخططات الصهيونية برعاية أمريكية ويبدأون فوراً لم الشمل وانهاء الخلافات والتجمع تحت مظلة واحدة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع .. وعلى العرب توحيد مواقفهم وكلمتهم .. وقتها فان ” حكومة نتنياهو و إدارة بايدن ” ستخشى العرب المتحدين .. ويتم وقف إطلاق النار فى غزة فوراً .. و عندها تتحول الدولة الفلسطينية و” الحلم العربى ” إلى واقع وحقيقة !! .

فى هذه اللحظة التاريخية وحال الأمة الذى لا يخفى على أحد فان الأولوية على الاتفاق على ” الكلمة الواحدة ” .. فهذا الآن أهم من تحقيق الوحدة العربية التى مازالت تحتاج إلى وقت على الأقل حتى تنتهى الخلافات والحروب الأهلية فى سوريا وليبيا واليمن والسودان و …. !! .

‏قربت الوحدة من ٦٦ عاما بين الشعبين المصري والسوري وتطلعت الجماهير في العديد من البلدان العربية إلى الانضمام إليها وهو ما ساهم في سرعة قيام الغرب بضرب التجربة قبل ان تنتقل عدوى الوحدة .. ورغم وجود عدة محاولات بعدها للوحدة سواء بين مصر وسوريا والعراق أو بين مصر وسوريا وليبيا أو الاتحاد المغاربى بين موريتانيا والمغرب و تونس والجزائر وليبيا إلا انها للأسف فشلت جميعها ولاقت نفس المصير .. وربما لم تنجح سوى دولة الامارات العربية المتحدة التى أقامها عام ١٩٧١ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع رفاقة شيوخ ٧ امارات فى الخليج وهى الوحدة التى جددت الأمل لدى الشعوب فى امكانية تحقيق ” الحلم الكبير ” !!

اقراء المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد مرة أخرى

Copyright © All rights reserved.