«نقول الحمد لله».. ونظهر أفضل ما فينا.. فى معركة الحياة
الكاتب الصحفي السيد البابلى
بقلم: السيد البابلى
أحدى وكالات السيارات أعلنت عن فتح باب الحجز للموديلات الجديدة.. فوقف على باب الشركة عشرات ومئات من راغبى الحجز واضطرت الشركة إلى تنظيم طوابير لمنع التدافع والازدحام على السيارات التى يصل ثمن أقل نوع فيها إلى عدة ملايين من الجنيهات..!
وعندما أعلنت شركة مقاولات قبل عدة أشهر عن بناء وحدات سكنية فى مشروعها الجديد «فى الصحراء» فإن آلاف من الناس تدافعوا لسداد مقدم الحجز وانهالت الأموال على الشركة من كل مكان وفى أيام قليلة تم بيع كل الوحدات..!
وقبل ذلك فإن البنوك الكبرى طرحت شهادات ادخارية مرتفعة العائد وحصدت مليارات من الجنيهات التى خرجت من «تحت البلاطة» ومن فوق البلاطة وأتت بحثاً عنالعائد المغري..!
وخلال هذه الأيام تدافع من نوع آخر على شراء السبائك الذهبية إلى الحد الذى اختفت فيه هذه السبائك من الأسواق وارتفع سعرها بشكل يفوق قيمتها الحقيقية. وكل هذا يعنى أن هناك «فلوس» وهناك ناس كثيرة معها ولديها فائض يتيح لها الشراء والاستثمار والاستمتاع بالحياة.
ولكن الغريب والعجيب والمدهش هو أن أحداً لا يقول «الحمد لله».. فالناس أدمنت الشكوي.. من معه يشكو ومن ليس معه يشكو.. فالكل يشكو لأسباب خاصة به.. فمن معه يقول هل من مزيد؟ ومن ليس معه من حقه أن يشكو لأنه يبحث عن الحق فى الحياة.. ولكن الشكوى اصبحت أسلوب حياة.. وتحولت إلى حوار معتاد متكرر لجذب الانتباه وادعاء المعاناة وربما لمنع الحسد أيضا كما يعتقد البعض..!
> > >
والحقيقة هى اننا يجب فعلا وقولا أن نحمد الله..نعم نحمد الله على ان لدينا القدرة علىالمقاومة.. نحمد الله على أننا مجتمع ينعم بالسلام الاجتماعي.. ونحمد الله على القدرة علىالتكيف مع الظروف والاوضاع الاقتصادية الصعبة.. ونحمد الله على أننا أمام كل هذه المتغيرات ننعم بنعمة الأمن والأمان وأن الشارع المصرى بخير وأن هناك اطمئنانا إلى أنهناك من نركن إليه ونستند عليه فى توفير الحماية والاستقرار.
وحين نقول الحمد لله.. فانها ليست دعوة لأن نستسلم ونقنع بما لدينا ونتوقف عن العطاء.. وإنما هى دعوة للرضاء.. للتأمل..للقوة على أن نبذل جهداً أكبر لتحسين أوضاعنا ولحل مشكلاتنا وقضايانا بفهم ووعى وإلى أن نتفرغ للعمل ونقلل من الكلام.. وأن نبدأ مرحلة التفكير الجدى والواقعى فيما هو قادم لمواجهة مستقبل بالغ الصعوبة إذا ما استمرت الزيادة السكانية على ما هى عليه من معدلات بالغة الارتفاع وإذا ما استمر المجتمع استهلاكياً وليس انتاجياً.
> >>
وإذا كنا نبحث عن التفاؤل نحاول أن نجد ضوءاً فى نهاية النفق ونحًاول أن نوقظ وأن نستخرج أفضل ما فينا فإن البداية تبدأ بإصلاح أنفسنا أولا وأن نحرص على استعادة اخلاقياتنا فى كل المجالات وأن نتوقف عن حرب الشوارع المتمثلة فى نزيف الدم الذى لايتوقف بسبب الحوادث المرورية القاتلة.. والناجمة عن الجهل والرعونة والاستهتار.
ففى حادث الميكروباص الذى دهس الناس فى عزبة النخل بالمطرية وراح ضحيته أربعة أشخاص لقوا مصرعهم وأصيب عشرة غيرهم فإن السائق الذى كان يقود الميكروباص بسرعة هائلة ادعى أنه فقد السيطرة على الفرامل.. وهو ادعاء قد يكون صحيحاً ولكنه ليس كافياً لأن السيارة على هذا النحو كانت فى حاجة إلى صيانة وتجاهل ذلك..!
والحادث المؤسف يتكرر فى كل مكان بسبب الفرامل أو السرعة أو المخدرات ولكنه نموذج لأسلوب القيادة فى شوارعنا.. وترجمة لأسلوب قيادة الميكروباصات.. وعنوان لسيطرة جيل من عفاريت الأسفلت دخلوا حياتنا قبل عدةً سنوات وأفسدوا وقضوا على قواعدالقيادة الآمنة واصبحوا نموذجاً للخروج عل النص لباقى سيارات الأجرة من مختلف الأنواع.. ميكروباص وسوزوكى وتوك توك..!
> >>
ويقول أحد الإعلاميين فى برنامجه التليفزيونى «أى حد يقولك عاوز فلوس عشان تركن عربيتك قوله امشى من هنا»..! والكلام سهل والتطبيق صعب.. ولو الناس صدقت هذه النصيحة وحاولت تنفيذها والالتزام بها لكانت العواقب مسبقا شرخ أو كسر أو فانوس طار..!!
> > >
والجدال يزداد حول الفاتورة الالكترونية.. وهناك من يرى تأجيل تطبيقها حتى يتم استيعابها وشرح فائدتها على المجتمع.. وليس فى ذلك اضرار بأحد أو تقليل من هيبة الدولة وإنما هو انعكاس لتفهم الدولة لمطالب بعض الفئات وطبيعة عملها والنظر فىالتطبيق بشكل يحقق مصلحة الجميع.
> >>
ومن أجمل ما قرأت ما كتبه أحدهم عما حدث فى إحدى مباريات كرة القدم قبل عدة أعوام عندما تم إلغاء المباراة بعد وقت قصير من انطلاقها بسبب انتشار ضباب كثيف وغادرالجميع أرض الملعب باستثناء حارس المرمى «سام بارترام» الذى لم يسمع صفارات حكم المباراة بسبب صخب الجماهير خلف مرماه وظل يحرسه متحفزاً لأية تسديدة مباغتة لمدة ربع ساعة قبل أن يأتى رجل الأمن لاخباره بقرار الإلغاء!
عندها قال الحارس «يحزننى أن ينسانى رفاقى وأنا أحرسهم.. لقد ظننت أننا كنا نهاجم طوال الوقت»!
والقصة فيها كل العبر.. فكم وقتاً أهدرنا وضيعنا حياتنا من أجل أشخاص لا يقدرون تضحياتنا؟ وكم دافعنا عن أشخاص هاجمونا عند أول اختلاف؟ وكم وقتا أهدرنا ونحن نحرس ظهوراً غادرتنا وقت حراستها؟ ولا تنسى أو تتجاهل من يحرسك ويدعمك ويدافع عنك فإن فقدت هؤلاء هزمت فى معركة الحياة.
> >>
ووداعا.. مفيد فوزي.. الإعلامى الكبير الذى ظل يصارع الحياة فى اللحظات الأخيرة.. وداعاً مدرسة متميزة فى العطاء وفى العمل وفى الابداع.. وداعا لقامة وقيمة من جيل الكبار.. يرحمك الله.
> >>
وأخيراً: تمادينا فى التفكير ونسينا أن الأقدار مكتوبة. ونسعى ونمضى نتعب ونبكى ويبقى ما اختاره الله.. هو الخير. ولا تغير شكلك لتعجب أحداً من أحبك قبل بك كما أنت. والروح إذا أوت.. داوت وإذا احبت أحيت