21 سبتمبر، 2024 - 11:27 ص

خمسون سنة صحافة.. من الحمامصى.. إلى محسن محمد..!

1 min read
الكاتب الصحفي السيد البابلى

الكاتب الصحفي السيد البابلى

 

              بقلم : السيد  البابلى

وما أسرع ما تمضى الأيام.. فبالأمس كنا طلابا فًى كلية الإعلام جامعة القاهرة نحلم ونحلم ونحلم.. واليوم وبعد خمسن عاما من العمل فى بلاط صاحبة الجلالة فإن الحلم مازال مستمًرا.. والبحث عن الذات مازال قائما.. ولو مات الحلم لانتهت الرحلة وطواناالنسيان..!!

وأعود بالذاكرة إلى الوراء إلى الأيام الخوالى التى كنا فيها نقرأ ونستمتع ونحفظ مايكتبه الكبار فى عالم الصحافة.. التابعى وإحسان عبدالقدوس ومحمد حسنن هيكل وأحمد بهاء الدين وموسى صبرى وأنيس منصور وإبراهيم  سعدة وكامل زهيرى وإبراهيم الوردانى وغيرهم من الأسماء الكبيرة اللامعة التى كانت تاريخا ونجوًما فى سماء الصحافة المصرية العريقة. وذهبنا إلى كلية الإعلام نبحث عنالنجومية عن اًلعمل فى مهنة البحث عن المتاعب.. وأن نكون صوت وضمير الأمة وأن نصل يوما إلى ما كان الكاتب الكبير محمد فريد أبوحديد يبحث عنه تحت عنوان «أنا الشعب» بأن تكون الصحافة هى مرآة الأمة وهى برلمان كل فئات المجتمع. وفى كلية الإعلام كانالنجم الأول.. كان هناك عملاق من عمالقة الصحافة المصرية هو أستاذنا جلال الدينالحمامصى أتى ليدرس لنا الصحافة المثالية، أتى ليربط ما بين الممارسة العملية للصحافة والجانب الأكاديمي.. أتى أستاًذا لينقل خبراته وتجاربه بهدوء واقتدار لجيل جديد من الشباب ولدوا أيًضا كبارا لأن الأستاذ كان عملاقا. ً ومع جلالالدين الحمامصى عشت البدايات.

وما أروع أن يكون أستاذك صديقا لك.. ما أجمل أنيكون لك الأستاذ ونحن نعمل فى إصدار مجلة «صوت الجامعة» التى كانت تصدر عنكلية الإعلام.. لقد أصبحنا زملاء الآن.. نادينى بجلال فقط ولا تخاطبنى بلقًب أستاذ..!

ولأن العين لا تعلو أبدا فوق الحاجب مهما كانت الأسباب.. فقد ظل جلال الحمامصى هوالأستاذ.. هو المعلم.. هو الرجل الذى زرع فينا روح الاستقلالية والاعتزاز بالنفس والإيمانبأن الصحافة رسالة ومهنة تسمو فوق كل المهن وأن الصحفى الذى لا يحترم أمانة الكلمةوقيمتها ومعناها خير له أن يعمل فى مكان آخر بعيًدا عن الانتماء لهذه المهنة السامية.

ً >>>

وعندما سأكتب كتابا عن خمسين سنة صحافة فسأكتب عن السنوات الرائعة التى قدر لى فيها أن أعمل قريًبا من الرئيس الراحل أنور السادات الرئيس التاريخى الذىكان الاقتراب منه هو شهادة نجاح للدخول لأكاديمية الرجل الذى كان وحده مؤسسة فىعلم الحياة والسياسة. ً ومع أنور السادات يتولد شعور دائم بالاعتزاز بالنفس.. ارفع رأسك عاليا أنت إلى جوار الرجل الذى تمكن من غزو عقول العالم.. الرجل الذى كنا معه نذهبإلى قرية «ميت أبوالكوم» بالمنوفية لأداء صلاة الجمعة فنخرج منه بعد الصلاة بأقوىالتصريحات والأخبار التى يتناقلها العالم قبل أن تطبع فى صحفنا.

ومع أنور السادات.. أنت مع البساطة حين تقترن بالعبقرية والثقة بالنفس وخبرة السنين والتجارب لتستمعإلى دروس للتاريخ والمستقبل والأيام. مع أنور السادات.. كنت أيًضا مع محسن محمد.. ومحسن محمد هو رئيس تحرير صحيفة «الجمهورية» التى دخلتها فى عمر الثامنةعشرة وتشرفت بأن كنت واحًدا من أبنائها.. فمحسن محمد هو الأستاذ الذى لم يحصلعلى حقه فى الصحافة المصرية كأحد المبدعين الذين كانت لهم بصماتهم التى لن تمحىأبًدا.. فهو أستاذ الصحافة الشعبية.. صحافة المواطن واهتماماته.. المواطن الذى يبحث عنلقمة العيش.. المواطن الذى يحتاج لأن يتذكره أحد فى يوم ميلاده فيقوم بتهنئته على صفحات الصحيفة وفى الصفحة الأولى بكل سنة وأنت طيب.. المواطن الذى يبحث عنشريكة حياته أو التى تبحث عن الزوج المناسب.. المواطن الذى ينتظر علاوة وزيادة فىالمرتب.. المواطن الذى يبحث عن قوانن الإصلاح الوظيفي.. المواطن الذى يريد أن يطمئنعلى المعاش وكم سيتقاضى بعد انتهاء سنوات العمل.. والمواطن الذى يريد إيصال صوته لمن يهمه الأمر. ومحسن محمد قَّدم الوصفة السحرية معتمًدا على جيل جديد من الشبابمن خريجى كلية الإعلام واستطاع أن يصل بتوزيع الصحيفة إلى ما يقرب من المليوننسخة فى عددها الأسبوعى فى إعجاز ونقلة صحفية لم تشهدها «الجمهورية» من قبل ليؤكد أنه صاحب مدرسة جديدة فى صحافة الصدق والتفاعل مع مشاكل وقضايا الجماهير.

> >>

وعندما أتحدث عن الأستاذ والقامة محسن محمد ــ رحمه الله ــ فإننى أتحدث عن كيمياءالحب والإعجاز الذى ربط بيننا عشرات السنين.. علاقة مثالية امتدت حتى فى سنوات الغربة فى الولايات المتحدة الأمريكية وفى بريطانيا وفى البحرين وكان فيها الاتصال لايتوقف يوميا مع الأستاذ الذى كان خبيًرا بالحياة قدر خبرته فى الصحافة والذى كان فى رأيه الصواب كل الصواب والصدق كل الصدق.. والتوفيق كل التوفيق.. محسن محمد هو بالنسبة لى لم يكن رئيًسا للتحرير كان أستاذا وصديًقا ومعلما وناصًحا وأ ًبا وأ ًخا وإذا كان هناك فضل فى النجاح بعد الله سبحانه وتعالى فهو لمحسن محمدالذى علمنى كيف تكون الحياة.

> >>

وعندما سأكتب عن خمسين سنة صحافة فإننى سأكتب عن المهنة التى كانت تعج بالنجوم والمشاهير وأساتذة وأسطوات الصحافة.. المهنة التى كنا فيها فى منافسة حقيقية شريفة من أجل التميز ومن أجل زيادة التوزيع ومن أجل الحصول على ثقة القارئ واحترامه.. المهنة التى كان فيها الصدق والموضوعية هما معيار النجاح.. المهنة التى كنا فيها نتقاضى الملاليم لكننا كنا مليونيرات بالتواجد على قمة المجتمع تأثيرا  واحتراما وتقديرا.. بأننا ضمير المجتمع الحى الذى لا يباع ولا يشتري.. والمهنة التى علمتنا أنالصحفى هو أكبر من كل المناصب.. وأن من يملك القلم يملك كل شيء.. فالكلمة أقوى منالسيف.. وجرح السيف قد يبرأ أما جرح الكلمة فلا يبرأ  أبدا .. والكلمة هى ميزان العدل والحق والقوة، والصحافة هى فعًلا وقولا مرآة المجتمع والتعبير الحقيقى عنه فى كلالمراحل وفى كل الظروف والأحوال. وحين أكتب عن خمسين عاًما من الصحافة سأكتب عن رفاق الدرب.. عن الذكريات والمواقف.. عن تاريخ مصر فى فترة عاصرناها ومازلنا فيها نتعلم كل يوم.. ومازلنا فيها نحلم.. ونحلم.. ومازال التلميذ هو نفس التلميذ يبحث ويتطلع لأن يحصل على شهادة نجاح لا تأتى إلا بكلمة شكر أو رسالة من قارئ تحمل كلمة أوإشارة إعجاب.. هذا هو النجاح.. وهذه هى الثروة الحقيقية والغنى الذى حصلنا عليه منعالم الصحافة.

Sayedelbably@hotmail.co.u

اقراء المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد مرة أخرى

Copyright © All rights reserved.