إنهم يدمرون العالم .. أليس منهم رجل رشيد ؟!
بقلم …. فهمي عنبة
متى تتوقف الحرب المجنونة الـدائـرة فى أوكرانيا.. وهل القضاء على الرئيس الروسى بوتين كما تظن أمريكا وأوروبا يساوى الثمن الذى يدفعه الشعب الأوكرانى بعد قتل المئات وإصابة الآلاف وتشريد الملايين منهم .. وهل ما قامت به روسيا من عمليات عسكرية سيحقق لها ما تريد من عدم انضمام كييف إلى حلف الناتو وحتى لو تحقق الهدف هل يساوى ذلك تدمير الاقتصاد العالمى ونشر المجاعات فى العديد من الدول ؟! .
أليس غريباً أن يتباهى الغرب بالديمقراطية وحقوق الانسان ثم يضحى باوكرانيا وشعبها ويدفعها إلى حرب كان يمكن ألا تبدأ إذا أعلنت أمريكا والاتحاد الأوروبـى عدم انضمام أوكرانيا لحلف شمال الأطلسى «الناتو».. لكنهم للأسف كان همهم عزل روسيا دوليا وحصار بوتين على حساب أى شىء ولو كان حياة الأبرياء فالغاية عندهم تبرر الوسيلة ؟! .
فى المقابل رأى الرئيس الروسى اتخاذ قرار الحرب ولـم يـرد ان يخوض معركة دبلوماسية لإثناء الرئيس الأوكـرانـى عن عناده وتصميمه على الارتماء فى حضن الغرب .. وإذا استمر بوتين فى الحرب فهو تهديد بتحويلها إلى حرب عالمية وربما نووية .. لكنه لا يهتم !!
سيذكر التاريخ كل من شجع هذه الحرب المدمرة وساهم فى اشتعالها سواء من الشرق أو الغرب .. تماماً كما يذكر التاريخ نيرون الذى أحرق روما فهم سواء .. إنهم يحرقون أغصان الزيتون !! .
العقوبات الاقتصادية غير المسبوقة التى فرضتها أمريكا وأوروبا على روسيا.. لن يكون بوتين وشعبه هم الضحايا لها فقط .. ولكن الآثار السلبية لهذه العقوبات ستنعكس على الاقتصاد العالمى وعلى أسواق البترول والحبوب وعلى السياحة والطيران والعديد من الأنشطة والقطاعات الاقتصادية بل ان هناك دولاً ربما تشهد مجاعات نتيجة لذلك كما حذرت الأمم المتحدة .. والأهـم ان العقوبات بـدأت نيرانها تضرب أمريكا وأوروبـا ويعانى المواطنون هناك من ارتفاع أسعار الطاقة والمـواد الغذائية وكأن من فرضوا العقوبات مثل من يطلق الرصاص على نفسه !! .. كما ستعانى الشركات الغربية التى كانت تعمل فى روسيا بعد قيام موسكو بتأميم ممتلكات هذه الشركات انتقاما من تجميد أموالها الموجودة فى البنوك والدول الغربية .
فى عام 1962 كانت هناك أزمة مماثلة عندما شرع الاتحاد السوفيتى فى وضع صواريخ فى خليج الخنازير بكوبا.. ورفضت أمريكا أن تكون هناك أسلحة تهددها بالقرب من حدودها فهدد الرئيس جون كيندى بحرب نووية فقام الرئيس السوفيتى خرتشوف بسحب الصواريخ وانتهت الأزمـة.. فهل قادة أمريكا وروسيا وقتها كانا يتحليان بالحكمة وضبط النفس ولديهما مسئولية تجاه شعبيهما وتجاه العالم فتم اللجوء إلى الدبلوماسية والحلول السياسية بدلاً من الحرب التى كانت ستدمر كل شىء ويسقط بسببها الآلاف من الضحايا الأبرياء ؟! .
ألم يعد فى أمريكا وروسيا وأوروبا حكماء يحاولون انقاذ ما يمكن انقاذه .. أم أن العناد بينهما سيستمر حتى آخر مواطن أوكراني ؟!.
ألا يوجد فى البيت الأبيض والكرملين ومقر الاتحاد الأوروبى فى بروكسل رجل رشيد يوقف هذه الحرب المجنونة التى يعلم الجميع انه لن يخرج منها فائزاً.. وان نهايتها ستُكتب على طاولة المفاوضات .. فلماذا التأخير فى نزع السلا ح من أيدى الجنود والجلوس معا لوقف نزيف الدماء والاسـتـمـاع لصوت العقل وصـرخـات الأمهات العجائز والأطفال الأبرياء ؟! .
حرب أخرى بين الطرفين ربما أشد من المعارك العسكرية.. هـى الـحـرب الإعلامية المليئة بالشائعات والدعايات والأكاذيب والتهويل.. اضافة إلى الاتهامات المتبادلة.. والأقسى على النفس هو استخدام مآسى الشعب الأوكرانى وطوابير النازحين والـفـاريـن للتأثير على الجماهير وكسب التعاطف لكل طـرف ضد الطرف الآخـر.. مع ان الحكاية بسيطة حيث لا يوجد انسان على وجه الأرض يوافق على غزو أى دولة والاعتداء على شعبها.. وفى نفس الوقت يحق لكل دولة ان تأمن على نفسها ولا يكون هناك على حدودها من يهدد أمنها و أمن شعبها!!