22 سبتمبر، 2024 - 1:30 م

ثورة يناير .. و ” خماسين ” ياسر !!

                             بقلم …. فهمي عنبة

سأل طالب فى الثانوية العامة استاذه : لماذا تحتفل الدولة بثورة ٢٥ يناير وتعطينا اجازة رسمية بينما سمعت من يقول انها ليست ثورة ؟!

رد الاستاذ : من حقك ياولدى ان تحتار انت وابناء جيلك فقد كان عمركم وقتها لا يتجاوز ٧ أو ٨ سنوات ولم تعيشوا أحداثها .. ولكن ” الشعب والرئيس والدستور ” حسموا هذه القضية تماماً .. فالشعب هو الذى خرج يومها بالملايين فى ميدان التحرير وكل الميادين بالمحافظات وظل بها ١٨ يوماً حتى تحقق له ما أراد .. ثم ألم تستمع إلى خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى عيد الشرطة من أيام حينما قال : ” ان ثورة ٢٥ يناير عبرت عن تطلع المصريين لبناء مستقبل جديد لهذا الوطن ” .. اما الدستور فقد جاء فى ديباجته ” .. وجاهدنا نحن المصريين للحاق بركب التقدم وقدمنا الشهداء والتضحيات فى العديد من الهبات والانتفاضات والثورات حتى انتصر جيشنا الوطنى للارادة الشعبية الجارفة فى ثورة ” ٢٥ يناير – ٣٠ يونيو ” التى دعت إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الإجتماعية واستعادت للوطن إرادتة المستقلة ” .

وأضاف الاستاذ لتلاميذة .. لقد ربط الدستور بين ثورتى ” ٢٥ يناير و ٣٠ يونيو ” واعتبرها ثورة واحدة.. وذكر أنها ” فريدة بين الثورات الكبرى فى تاريخ الإنسانية وذلك بكثافة المشاركة الشعبية التى قدرت بعشرات الملايين وبدور بارز لشباب متطلع لمستقبل مشرق ” .. فهل بعد كل ذلك هناك من يدعى انها ليست ثورة ؟!

حوار الاستاذ مع تلاميذة هل يكون وحده كافياً للرد على الرافضين لثورة ٢٥ يناير أو المشككين فى ثورة ٣٠ يونيو .. رغم الإعتراف الصريح بالثورتين من الدولة ورئيسها ودستورها .. والأهم هو إيمان الشعب بالثورتين ؟! .

.. وحتى لا يحتار الشباب .. ومن أجل الأجيال القادمة .. وللرد على الرافضين و المشككين .. ولكى لا تتوه الحقيقة .. قدم الكاتب الصحفى الاستاذ ياسر رزق شهادتة فى كتابة ” سنوات الخماسين .. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص ” حيث قضى الكاتب فى هذه الفترة فى بؤرة الأحداث منذ ان تولى رئاسة تحرير الأخبار يوم ١٨ يناير ٢٠١١ أى قبل الثورة باسبوع .. وكان قبلها رئيسا لتحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون وبعدهارئيسا لتحرير المصرى اليوم قبل ان يعود للأخبار ويرأس مجلس إدارة أخبار اليو م .. كل ذلك أتاح له رصد مجريات الأمور وهيأه ليكون على موعد مع القدر ويقدم شهادته من خلال متابعة ما عايشه و شاهده وسمعه وقرأه ثم حلله ونقله بمنتهى الأمانة !!

كان ياسر موضوعياً عندما قال : ” لست أزعم أننى أحتكر الحقيقة أو أننى أمتلك جوانب الواقع .. فقط أكتب من زاوية رؤية خاصة .. أرجو أن تكون عوناً لجيل قادم “

من يعرف ياسر رزق يعلم انه يكتب فى السياسة والإقتصاد و الإستراتيجيات باسلوب أدبى بليغ يحول الكلمات إلى وقائع ملموسة.. ينقل التفاصيل الدقيقة و يجعل القارىء يعيش اللحظة وكأنه كان هناك فى قلب الحدث .. وان كانت أحياناً ” المدرسة الهيكلية ” تطغى على اسلوبه بوضوح لا تخطئه عين القارىء .. ولا عيب فى ذلك ولا غضاضة فقد تأثرت أجيال بناظر هذه المدرسة ” الأستاذ ” الكاتب محمد حسنين هيكل ” رحمه الله ” وربما كان ياسر من أنجب تلاميذها !!

استطاع رزق من أول سطر أن يلخص أسباب ثورة يناير فى كلمات بسيطة عندما سأل دبلوماسى عربى : لماذا قامت ثورات الربيع العربى فى الجمهوريات دون الممالك ؟! .. فرد السياسى المصرى المخضرم .. لان بعض رؤساء الجمهوريات أراد أن يحولها إلى ممالك !! .

يحكى ياسر ” الحدوتة ” من أولها وكأنه يكتب سيناريو لفيلم .. أول مشهد فيه لمئات الآلاف من الشباب يفترشون حدائق وجنبات ميدان التحرير .. وغيرهم ملايين فى الميادين العامة بمدن وعواصم المحافظات .. فى أمسية شديدة البرودة .. ودعت نهاراً غائماً فى هذا الشتاء الذى لم يبخل بأمطارة ولا رياحة على هؤلاء الشباب الذين ظلوا ١٨ يوماً من ٢٥ يناير حتى غربت شمس ١١ فبراير ٢٠١١ ومعها أفل نظام مبارك !! .

ويعود الكاتب فى ” فلاش باك ” ليحكى كيف تنبأ فى شهر إبريل ٢٠١٠ اللواء عبد الفتاح السيسى مدير المخابرات الحربية بان عام ٢٠١١ سيشهد المزيد من السخط الشعبى على نظام الحكم .. ونقل السيسى ذلك إلى المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع فى لقاء خاص بينهما وفى تقرير سرى للغاية توقع فيه أن تكون ذروة الغضب فى شهر مايو ولكن الأحداث تسارعت وعجلت بالثورة فى يناير بعد تزوير انتخابات مجلس الشعب و وقوع الثورة فى تونس !!

تناول الكتاب لقاءات أجراها ياسر مع اللواء ثم الفريق أول ثم المشير السيسى ومن خلال هذه الحوارات يكشف للقارىء شخصية الرئيس القادم ورؤيته وأفكاره .. ويتحدث عن المواقف والأحداث والأيام الصعبة التى عاشها الوطن .. من بداية الثورة إلى ما يسميه بسقوط ” الجمهورية الأولى ” جمهورية ٢٣ يوليو .. ثم ينتقل لعام حكم ” الجماعة ” فى جمهورية مثل السراب .. وكيف بدأت ملامح جمهورية ” ٣٠ يونيو ” الجديدة التى رسم ملامحها الرئيس السيسى من أول يوم لبناء الدولة الحديثة الثالثة !!

جرت مياة كثيرة باندفاع الشلال بين ضفتى النيل .. وكانت الأحداث سريعة ومتلاحقة .. وفى الفصول الخامس والسادس والسابع وهو الأخير تتداخل المشاهد ويستعيد الكاتب الأيام الأخيرة قبل ٣٠ يونيو ثم الفترة الإنتقالية الثانية برئاسة المستشار عدلى منصور  حتى وصول الرئيس السيسى إلى قصر الرئاسة !!

هنا توقف ياسر فى شهادتة عن ” الكلام المُباح ” بعد ان حكى للأجيال ما حدث فى ١٢٠٠ ليلة وليلة.. واعداً القراء باستكمال ثلاثيتة عن ” الجمهورية الثانية ” فى جزأين قادمين ندعو الله أن يديم عليه الصحة ويمتعنا بكتاباتة ويمد الأجيال القادمة بشهادة أحد المعاصرين لثورتى يناير ويونيو .. عاش الوقائع وشارك فيها وشهد عليها ونقلها بموضوعية برؤيتة ووجهة نظرة ولم يحتكر الحقيقة لنفسه تاركاً الباب لمن يختلف معه أو من يرى الجانب الآخر من الصورة .. لكنه نقل بقلمه شهادتة للشعب والتاريخ !!

” خماسين ” ياسر رزق حركت الحياة السياسية والفكرية والثقافية .. وألقت حجراً فى مياهها الراكدة .. فبدأ الجدل .. وتوالت اللقاءات والندوات .. وكان حفل توقيع كتابة بالأوبرا بمثابة صالون فكرى تتلاقى فيه الرؤى وتختلف التحليلات بين كبار رجال السياسة والصحافة ونجوم المجتمع .. ومازلنا فى حاجه إلى مثل هذه الحوارات التى غابت طويلاً وتسببت فى ركود الحياة السياسية والثقافية !!

لم يكن هناك موعد يختارة رزق أفضل من أيام يناير لإصدار كتابه الذى يتزامن مع ذكرى مرور ١١ عاماً على ثورة شعب قادها الشباب فى ٢٥ يناير .. ثم اختطفت و ” تاهت ” حتى استعادها الشعب والجيش فى ٣٠ يونيو .. كما ان يناير فى مصر هو ” عيد الثقافة ” لانه موعد معرض الكتاب الذى يحتفل هذا العام بدورتة رقم ٥٣ ومن المنتظر ان تشهد ندواته مناقشات حول ” سنوات الخماسين ” !!

•• ملحوظة : المقال مكتوب يوم الاثنين الماضى موعد تسليمه للعدد الأسبوعى أى قبل أن تنفذ إرادة الله سبحانة وتعالى و ينزل علينا خبر وفاة الاستاذ ياسر رزق كالصاعقة .. وكأنه شعر باقتراب الرحيل فأراد ان يدلى بشهادته للتاريخ .. حيث سيظل كتابة هذا مرجعاً لكل باحث ومؤرخ يريد أن يرصد أحداث ثورتى يناير ويونيو حتى ولو اختلف مع رؤيته .

شاءت إرادة الله ان يكون موعد رحيل الفارس ياسر قد جاء قبل ان يكمل ثلاثيتة عن ” الجمهورية الثانية ” كما وعد القراء .. وقد تكون هذه المرة الوحيدة التى أخلف فيها رزق وعداً لقرائه !!

رحم الله الكاتب والصديق ياسر رزق .. وألهم كل محبيه وأسرتة و زوجتة الكاتبة الاستاذة أمانى ضرغام الصبر والسلوان .. وليت أسرته اذا كان لديها مسودات الجزأين الباقيين من الثلاثية ان يعملوا على نشرها .
**************
تحية لشهداء الشرطة ٧٠ عاماً على معركة الكرامة !!

تحتفل مصر ووزارة الداخلية بمرور ٧٠ عاماً على ” ملحمة الاسماعيلية ” التى قدم فيها رجال الشرطة أروع الأمثلة عن الفداء والتضحية حيث لم يبخلوا بأرواحهم فى سبيل الحفاظ على كرامة الوطن .. ورفضوا ان يحنوا رؤوسهم أو يرضخوا لأوامر جنود الإحتلال .

فى ٢٥ يناير ١٩٥٢ كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة ناصعة فى تاريخ البلد .. كان الثمن حياتهم فدفعوه راضين دون تفكير ليجعلوا الأجيال التى جاءت من بعدهم يرفعون الرأس عالياً ولا تنكسر إرادتهم أمام المستعمرين !!

بعد ٦ شهور من ” معركة الكرامة ” فى الاسماعيلية التى خاضها رجال الشرطة قامت ثورة ٢٣ يوليوالتى انهت الإحتلال وأجبرت الإنجليز على الجلاء بعد ٧٢ عاماً من الاحتلال !!

يواصل ضباط وجنود الداخلية تضحياتهم طوال السبعين عاماً الماضية وحتى اليوم .. ويواجهون بصدورهم الإرهاب و اللصوص والمهربين وتجار السموم وكل من يهدد الوطن و المواطنين .. و مرادهم توفير الأمن لأبناء الشعب .. وأثبتت الأيام انه بدونهم لا استقرار ولا أمان ويعيش الناس فى قلق وخوف وفزع لا يأمنون على أرواحهم وأموالهم !!

تحية لكل رجال الداخلية فى عيدهم .. وسلام الله على الشهداء الذين ضحوا بحياتهم من أجل مصر وليرفع كل مواطن رأسة عالياً ويفخر انه مصرى ينتمى لأبطال ملحمة الاسماعيلية !!

اقراء المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد مرة أخرى

Copyright © All rights reserved.