عندما كنا نتساءل.. البلد رايحة على فين..!
الكاتب الصحفي السيد البابلى
بقلم : السيد البابلى
ونعيش التاريخ والذكريات والأيام الصعبة التي استيقظنا لنجد أنفسنا نمر بها ونشعربالقلق فيها ونخاف علي الوطن وحاضره ومستقبله..!! فقد وقعت أحداث يناير ٢٠١١فجأة.. بدون مقدمات وبدون إرهاصات وعلي خلاف كل التوقعات.. واكتشفنا أن البنيان قدأصابه السوس وأن الترهل في النظام السياسي قد أضعف كل مكوناته، فانهار النظاموانهارت الدولة في أيام قليلة.. واعتلي المسرح السياسي مجموعة من الهواة الذينيتحدثون بلا رؤية واضحة أو لا خبرة في التعامل مع الأحداث المتلاحقة. ووجدنا أنفسنانبحث عن مخرج.. أي مخرج.. ونتطلع إلـي أي حلول لاستعادة الدولة التي أصبحت فيحالة من الفوضي التي كانت تنذر بمفاجآت أكثر خطورة وتأثيراً علي واقع المجتمعوتكوينه. وظهر في الساحة من يقدمون أنفسهم علي أن لديهم الحل.. وجربونا سوفتجدون لدينا حلو ًلا لكل المشاكل.. وحاولنا أيضاً مع الله.. ومن الله. ولأنهم أدخلوا الدين فيالسياسة والسياسة في الدين وربطوا ما بين الجنة والنار في الفكر والمفاهيم والقرار، فإنبعض الناس انساقوا وراءهم وقرروا التصويت لهم لاكتشاف المشروع الذي يتحدثون عنهللإصلاح والتغيير.
>>>
واعتلي الإخوان المسرح.. وظهروا يؤدون أدوارهم الجديدة.. مجموعة من الدراويش وجدواأنفسهم داخل القصور.. واكتشفوا أن للحياة دروباً أخري لا يعرفونها.. وأن الواقع مختلف،وأن للسياسة رجالاتها وقادتها.. وأن أسلوب التحذير وإغواء الجماهير بالوعود والأمانيلا يوفر رغيفاً للخبز ولا يحقق وحده أمناً ولا أماناً.. وأن مسئولية قيادة الوطن تتجاوز حدود خبراتهم وإمكانياتهم.. فضاعوا في دهاليز الحكم وكان الوطن علي مقربة من انهيارآخر ليضيع معهم في انقسامات داخلية وتصفية حسابات سياسية وفي فقدان شبه كامل للسيطرة علي الأمن واستعادة الاستقرار. وكان لابد أن يكون هناك حل.. فالشعب الذي اكتشف أن أحداث يناير ٢٠١١ كانت أكذوبة ولم تكن ربيعاً للسعادة.. عادليفرض قراره وإرادته وينتفض في خروج جماعي لحزب «الكنبة» الصامت ليعلن كلمتهبأن «كفاية» تعني «كفاية» وأنه لا تجارب ولا مهاترات فيما يتعلق بمستقبل الوطن وأمنهوأمانه واستقراره. ولم يكن الجيش بعيداً عن الشعب.. فالجيش الذي راقب أحـداث يناير٢٠١١ عن بعد وترك الكلمة للشعب ليقرر موقفه منها.. انحاز مرة أخري للشعب وساندتحركاته السلمية وإرادتــه في استعادة زمـام الأمـور مرة أخري، والشعب بدوره أسندالقيادة للجيش وطالبه بحماية الوطن داخلياً وخارجياً ووقف مسلسل انهيار الدولة فيمرحلة كنا فيها جميعاً نتساءل.. البلد دي رايحة علي فين.. وإيه إللي إحنا بنشوفه ده..!!
>>>
وفي 30 يونيو 2013 كانت ثورة الشعب.. وسقط حكم الجماعة كما بدأ بعد تجربة لنتتكرر مرة أخري.. وفوضي الشعب أمره إلي قواته المسلحة في ثورة حقيقية كانت تعبيراًوانعكاساً لوعي الشعب الذي قد يصبر طويلا ولكنه ينتفض في الوقت المناسب وبالقرار المناسب. وكانت المهمة الأولي للقيادة الوطنيةالجديدة أن تستعيد هيبة الدولة وأن توقف مسلسل الفوضي وأن يشعر الناس بالأمنوالأمان والاطمئنان.. وقد نجحت في ذلك في وقت قصير لا يذكر وأوجـدت شعوراً هائلابالتفاؤل في أن مصر قد عادت وأن الأمور قد أصبحت طبيعية وأن كل ما حدث قبل ذلك هوذكريات نتحدث عنها وليست تاريخاً مقروناً بالإنجازات في مسيرة شعب. وعندما تمتاستعادة الدولة واستقرار الأوضـاع باختفاء تجار الشعارات والأزمـــات فـإن القيادة الوطنية الجديدة لـم تهدر وقتاً فـي الإعــداد والتحضير، وانطلقت تتعامل مع مشكلاتوقضايا الوطن المزمنة بنوع جديد من الإنجاز في كل المجالات دفعة واحـدة وفي وقت واحدوفي سباق مع الزمن في التنفيذ لم يكن معهوداً ولم يتم من قبل علي الأراضي المصرية. وما شاهدناه يتحقق منذ عام 2013 إلي يومنا هذا يتجاوز في أحيان كثيرة مقدرتنا عليالتخيل.. فمصر كلها تغيرت خلال هذه الأعـوام .. الشوارع اختلفت.. والطرق امتدتوالكباري في كل مكان والطرق السريعة والدائرية ربطت مصر كلها في شبكة طرقعصرية.. والعشوائيات اختفت.. وقناة السويس توسعت.. والاعتداءات علي الأراضيالزراعية توقفت.. والفقراء في قري ونجوع مصر وجدوا من يهتم بهم ويحنو عليهم.. والدولة التي كانت علي وشك السقوط بدأت تتحدث عن المشروع القومي الأكبر في بناءجمهورية جديدة بعاصمة جديدة بانطلاقة جديدة وفي ظل تحديات كانت كفيلة بسقوط لانجاة منه مثل الجائحة التي كـادت توقف كل مجالات الحياة.. ومثل الأزمة الاقتصاديةالعالمية التي كانت كفيلة أيضاً بخلق تداعيات اجتماعية سلبية بالغة الخطورة. وعندمانتحدث في ذكريات ما حدث منذ30 يونيو2013 حتي 30 يونيو2022 فإننا نتحدث عنالمعجزة التي تحققت علي أرض مصر، المعجزة التي لم نستوعبها بعد لأننا لا نصدق مانراه بأعيننا ولأن البعض أصابه نوع من عمي البصر والبصيرة فلم يعد يري أو يسمع إلاما يريد أن يراه ويسمعه. ونعم.. لقد حققنا معجزة.. معجزة استعادة الدولة المصرية.. ومعجزة الصمود.. ومعجزة التحول نحو البناء.. ومعجزة الجمهورية الجديدة في غضون سنوات قليلة.. ومعجزة أن نظل نحلم وأن نظل نتفاءل.
>>>
وأخيراً:
>> الطيبون عندما يتألمون يصمتون. >>>
>> وحاول.. حاول ألا تلتفت إلي الوراء
فإن المرء علي قدر حنينه يهان.
>>>
>> وما أخجلني إلا غريب يسأل عن حالي كل يوم
وشخص فضلته علي نفسي لا يعلم كيف أصبحت وكيف أمسيت.
sayedelbably@hotmail.co.uk