مخربون.. وجهلة.. و«السقطة» الإعلامية
بقلم : السيد البابلى
نحن نعيش عصراً يصعب فيه إظهار الحقائق أو الموضوعية فى عرض الأحداث وتناول الموضوعات.. وهو عصر الأقاويل والقيل والقال والناس التى تحولتفجأة إلى نشطاء ومصدر للأخبار وخبراء فى كل المجالات وأساتذة فى النقد والتحليلحيث أصبح كل من يحمل هاتفا محمولا خبيراً فى إدارة شئون الأمم وإسداء النصائح أو نشر الشائعات. فى هذه الأجواءالإلكترونية وعلى مواقع التواصل الاجتماعى فقد انتشرت كتائب إلكترونية مهمتهااصطياد وتضخيم الأخطاء والأحداث وتشويه وانتقاد كل الإنجازات وفتح ملفات الماضىلاستعادة الأحاديث والمواقف حيث يتم تدمير وترهيب واغتيال كل قادة الرأى وكل من يظهرفى الساحة إعلامياً أو سياسياً. يأتى جهلاء لينقادوا وراء عدد من المخربين وتصبحمهمتهم البحث عن كل السلبيات فى أى مجال وفى أى مكان لإظهارها وعرضها لنشرالإحباط وجلد الذات والتقليل من قيمة الوطن ومن إنجازاته ونجاحاته. لأن أحدا ليس فىمقدوره إيقاف هذا العبث ولأن بعض الناس أيضا تسعد بالفضائح وتتلذذ بالسخرية منالآخرين والتندر عليهم فإن السوشيال ميديا تزداد توغًلا وتوحشاً فى المجتمع، وتزدادتأثيراتها السلبية خاصة على الشباب والأجيال الجديدة وتفقدهم معالم الحاضر وآفاقالمستقبل. لا يوجد من الحلول الكثير لإيقاف هذه الفوضى إلا بضرورة تطوير العملالإعلامى ومجالاته لتصبح أكثر تأثيراً وجذباً بعيداً عن الخطاب الإعلامى الانفعالىالصارخ الذى لم يعد مؤثراً أو مطلوباً. تطوير العمل الإعلامى يستدعى حـواراً من خبراءالمهنة ورموزها وأساتذة الصحافة والإعلام لرسم وإيجاد خارطة طريق للتعامل معالتحديات الجديدة التى تواجه الإعـلام وللبحث عن صيغ لتدعيم المصداقية الإعلاميةووجودها وتأثيرها. إن الدولة المصرية التى تنطلق بقوة فى أعظم وأهم وأقوى مراحلإنجازاتها قد لا تحتاج لمن يدافع عنها لأن ما تقدمه وتحققه هو خير دفاع ولكنها بحاجةلإيصال ما تحققه إلى الرأى العام حتى تكون الصورة واضحة وحتى يكون المواطن علىعلم وقناعة بما يحدث ولكى تتكون داخله القناعات التى تشكل حائط الصد ضد الكتائبالإلكترونية التى لن تتوقف عن محاولاتها لإفقادنا الثقة والفرحة أيضا.
>>>
ولابد من التعليق على قضية اثنين من الإعلاميين قاما بتزوير حوار تليفزيونى مختلق معشخص انتحل شخصية الدكتور مجدى يعقوب.. وصحيح ان القناة التى قامت ببثالحوار قد أوقفت البرنامج وأحالت مقدميه ومعديه إلى التحقيق استجابة لطلب الهيئةالوطنية للإعلام، ولكنها قضية لا تتعلق بإغلاق برنامج أو حتى إيقاف القناة بقدر ماتتعلق بإعلام يخلو من المهنية وبوجود دخلاء اقتحموا مجال العمل الإعلامى دون تدريبأو مؤهلات أو إعداد، وتتعلق بما هو أهم وهو أنه فى استطاعة أى شخص أن يقوم بشراءمساحة زمنية على الفضائيات إياها وأن يتحول إلى نجم تليفزيونى وإعلامى «قدير» أيضا بفلوسه أو من خلال تعاقده مع ًشركة للترويج لها. لقد شاهدت تسجيلا للحلقة التىتم فيها تزوير الحوار مع الدكتور يعقوب فلم أجد أمامى إعلامياً محترفاً أو مذيعة تدركماذا تقول.. وجدت اثنين من الهواة يتحدثان بلا علم ولا دراية ولا جاذبية ولا صلة لهمابالمهنة وأصولها وقواعدها. ومصيبة المصائب أنهما لم يعتذرا عن «النصب» الـذى قاما بهعلى المشاهدين وإنما حاولا إلقاء المسئولية على الآخرين على أن أحدهما قد سبق له أنأجرى حديثا مختلفا مع الدكتور مجدى يعقوب من قبل ولم يحاسبه أحد، فالأمور سهلةوالغش أصبح له ما يبرره.. والمزور أو الكاذب أصبح لا يخجل ولا يهتم.. دول عارفين السكةواللعب كويس قوى قوي..!
>>>
فى معركة وجدال البعض حول من سيدخل الجنة ومن سيدخل النار، فإن هناك عبارة قدوضعت على مقبرة أحد المفكرين الذى انتقل إلى رحمة الله مؤخراً وتقول «إن الذين ماتواقد نجوا من الحياة بأعجوبة» وهى عبارة منسوبة للشاعر الفلسطينى محمود درويش،ولم أفهم لها معنى أو قيمة ولا أريد أن أجادل فيها فهى ليست بذات مغزى أو إدراك لقيمةومعنى الحياة، فكلنا يبحث عن البقاء ونخاف الموت لأن للحياة فلسفة وسحرا وجاذبية،والله سبحانه وتعالى الذى خلقنا فى هذا الوجود أوجدنا لنستمتع بكل مباهج الحياة،شريطة أن ندرك وجود الله وألوهيته وأن نعبده وأن نسمو بالروح والجسد فوق كل دناياالدنيا لكى يكون هناك الحساب والعقاب.. وأن تعمل لدنياك كأنك تعيش مخلدا فى الدنياوأن تعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.. هذه الحياة سر من أسرار الخالق.. ولا أحد ينجو منهاإلا بعمله الصالح وسيرته العطرة.. وربنا يهدى الجميع ويغفر لنا جميعا