21 سبتمبر، 2024 - 1:48 م

عفًوا عمرو موسى.. التاريخ لا يقرأ بأثر رجعى.. وأين كنت..؟

1 min read
الكاتب الصحفي السيد البابلى

الكاتب الصحفي السيد البابلى

 

             بقلم ً : السيد البابلى

كل اًلاحترام والتقدير دائما للدبلوماسى المصرى البارع عمرو موسى الذى كان وزيرالخارجية مصر لعشر سنوات فى عهد الرئيس الراحل حسنى مبارك ثم أميًنا عاًما للجامعةالعربية.. والرجل الذى نال شهرة وتواجًدا شعبًيا بسبب مواقفه المتشددة ضد إسرائيل وهوما دفع شعبان عبدالرحيم إلى أن يغنى له.. باكره إسرائيل.. وبحب عمرو موسى بكلامهالموزون وهى الأغنية التى ربما كانت سبًبا فى خروج موسى من الخارجية للجامعة العربية..!

والسيد عمرو موسى حريص بين الحين والآخر على أن يكون له تواجد مؤثر على الساحةالمصرية بتصريحات تعمل وتعكس خبرات السنين غير أنها فى معظم الأحيان تعكسأيًضا نوًعا من المراوغة السياسية فى أوقات لاتحتمل أنصاف المواقف والحلول.. وفىمرحلة لا تقبل الرجوع إلى الـوراء بقدر ما تحاوًل رسم معالم واضحة للطريق بناء علىالظروف والمعطيات القائمة .

وبعيد ًا عن استعادة التاريخ أو اللجوء إليه. ومؤخرا خرج علينا السيد عمرو موسىبتصريحات انتقد فيها بشدة السنوات الأخيرة لعصر الملك فـاروق وسنوات حكم جمال عبدالناصر وأنـور السادات وحسنى مبارك واستدل على ذلك بالقصور فى الاقتصادوالتعليم والخدمات فضلا ً عن ما أسماه بفقدان البًوصلة..!

> وحقيقة لم أستوعب كثيرا ما الذى يقصده عمرو موسى الذى كان شريكا فى هذهالسنوات وعمل إلى جوار حسنى مبارك سنوات طويلة ولم نسمع له فيها انتقادا أومطالبة بالإصلاح من الداخل أو حديثا مخالفا لسياسات مبارك وقراراته. ً

وحقيقة أيضا فأنا لم أفهم كيف يقع السياسى المخضرم فى خطأ قـراءة وتحليل التاريخ بأثر رجعى.. وكيف يمكن أن نأتى اليوم بعد سنوات وسنوات لتقييم مشروع عبدالناصرالقومى ونقول بكل بساطة إنه لم يكن هناك وضوح للرؤية وإنما فقدان للبوصلة!!

فسنوات جمال عبدالناصر لـم تكن خالية مـن وضــوح لمعالم الطريق، فعبدالناصر حددبوصلة الدولة بمبادئ الثورة الستة التى كان من بينها القضاء على الاستعمار والإقطاع وبناء جيش وطنى سليم.. وعبدالناصر حدد معالم الطريق للمواطن بالحرص على البعدالاجتماعى فى مجانية التعليم وارفع رأسك يا أخى فابن العامل والفلاح مثل ابن الباشا والوزير.. عبدالناصر أطلق الحلم لبناء دولـة رائــدة تحارب الظلم والطغيان وتوقف استنزاف الشعوب.. عبدالناصر كان صوتا لشعوب العالم الثالث المضطهدة وداعية مندعاة التصدى للهيمنة والوصاية على مقدرات الشعوب.. ولذلك تحالفوا عليه وأوقعوه فى حرب غير متكافئة ليقضوا على الحلم. وعندما أتى أنـور السادات فإن الحكم الرشيد الـذى يبحث عنه هيكل كان موجودا.. كان رئيس مصر يبحث عن استمرار تحقيق حلمعبدالناصر فى استعادة الأرض وتحقيق النصر.. كان أنور السادات موهبة الله لمصر فىمرحلة كانت تتطلب الصبر والدهاء وقراءة المشهد بفهم ووعى ودون انفعالات وأعادالـسـادات الأرض فى معركة الشرف والكرامة لجيش مصر الـذى أثبت أنه خير أجناد الأرض فى حرب التحرير.

وكان للسادات رؤيته التى تجاوزت حاجز الزمان بتوجهه نحو إنهاء عصر الحروب وتحقيق السلام.. كان السادات يريد أن يتفرغ لإصـلاح بنية الدولة التحتية المهترئة.. وكـان يبحث عن الرخاء والتنمية لشعب مدركا ومؤمنا بضرورة الانفتاح على ثقافة الآخرين والاستفادة من تقدمهم فى كل المجالات.. كان السادات هو من بدأ »العولمة« الحقيقية بإدراكه أن العالم قد تغير وأن العالم قد أصبح قرية واحـدة لا يجوز فيها العزلة أو الانعزال. واغتالوا أنور السادات عندما أصبح خطرا عليهم.. عندما زادت طموحاته وتعدى الخطوطالتى يسمح فيها بالتحرك إقليميا ودوليا.. واغتالوه لأنه اعتقد أنه من الممكن أن يعيد أيـام محمد على باشا وأن تكون لمصر الكلمة والانتشار.. واغتالوه لأنه أصبح خارج السيطرة..!

> وأتى حسنى مبارك فى ظرًوف بالغة الصعوبة.. رئيسا جديدا لمصر فى أعقاب ناصروالـسـادات.. رئيسا كان مجهولا لدى معظم المصريين.. ولكنه كان تلميذا فى مدرسة السادات.. رئيسا ظل لثلاثين عاما يبحث عن الهدوء والاستقرار لمصر.. رئيسا خلال سنوات حكمه لم يلجأ إلى أسلوب الصدمات أو افتعال الأزمـــات.. كـان يمثل القوة لمصر ولا يبحثأو يهتم إلا بالشأن المصرى وحماية أمن مصر.. لم ينقد لأحد وظل مستقلا دون مزايدة أوادعاء لبطولات مكملا لسياسات السادات الانفتاحية وحريصا كل الحرص على مغازلة وطمأنه الطبقات الوسطى والفقيرة بحزمة من الدعم وثبات أسعار الخدمات وإن كان ذلك بالطبع على حساب خطط التنمية وتأمين المستقبل.. كان مبارك يتصرف من منطلق تأجيلمواجهة الأزمات مادامت تحت السيطرة ولم تنفجر.. ولكن مبارك لم يكن بعيدا عن الحكمالرشيد.. فقد كان أيضا وطنيا حتى النخاع.. رمزا وانعكاسا لظروف المرحلة التى لم يكنممكنا فيها الاصطدام مع نفوذ وسيطرة المال على السياسة بكل ما كان يعنيه ذلك من تداعيات سلبية على الاستقرار والسلام المجتمعى.. وظل مبارك هو مصدر التوازن بين كل أطراف اللعبة السياسية حريصا على إرضاء الجميع الذين لم يكن بعضهم على مستوىالمسئولية الوطنية فخرجوا عن الإطار وكانوا سببا فى أن يتحمل مبارك أخطاءهم ويدفع ثمنا باهظا لذلك. ولأن لكل مرحلة مزاياها وعيوبها.. ولأن لكل تجربة طبيعتها وظروفهاالخاصة.. فإننا نعتقد ونؤمن أن تقييم التاريخ لا يمكن أن يتم بأثر رجعى.. وما ذكرناه فى هذا المقال ليس تقييما وإنما اجتهاد وقـراءة لنتائج كل مرة مع التسليم والقناعة بأن هناكحكما وطنيا رشيدا كان يبحث عن المصلحة الوطنية دون تقصير.

فلم يكن أمـام عبدالناصر على سبيل المثال فرصة لتحسين الخدمات فى وقت كان يستعد فيه لإزالـة آثار العدوان.. ولم يكن أمام السادات ومبارك الفرصة نفسها أمام زيادة هائلة فىعدد السكان كانت تستدعى توفير رغيف الخبز قبل أى اعتبار آخر.. ولهذا فإننا وبعيدا عنالتقييم وقراءة الأحداث بأثر رجعى فإننا ندعو إلى قراءة للمستقبل وإلى دعم الحوارالوطنى لصناعة وصياغة ملامح الطريق فى كل المجالات.. هذا حوار الأمة من أجل مستقبل الأمة.. وليس حوارا أو دعما لنظام أو أشخاص، انه حوار من أجل مصر.. وهو مايجب أن نتحدث عنه وأن يكون الماضى هو درسا من أجل المستقبل

Sayedelbably@hotmail.co.uk

اقراء المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد مرة أخرى

Copyright © All rights reserved.