21 سبتمبر، 2024 - 8:44 م

أوكرانيا آخر بروفة للعالم الجديد !!

1 min read

                                بقلم …. فهمي عنبة

دقت طبول الحرب .. وحبس العالم أنفاسه بعد أن حددت وسائل الإعلام الغربية موعداً لانطلاق الصواريخ .. وكتبت إحدى الصحف أن القوات الروسية ستغزو أوكرانيا يوم الثلاثاء الماضى لتبدأ الحرب العالمية الثالثة!! لم تقع الحرب فى الموعد الذى حددته الصحيفة فاعتذرت .. فقامت صحيفة أمريكية أخرى بتحديد 20 فبراير “الأحد القادم” موعداً للغزو .. رغم وجود إشارات للتهدئة مثل بدء سحب قوات روسية وزيــارات مكوكية من كبار قادة أوروبا إلى موسكو للتوصل إلى حل دبلوماسى ينهى الأزمـة بين أمريكا و الدول الغربية و بين روسيا و كانت أوكرانيا هى الضحية التى يتلاعب بها الطرفان دون اعتبار لجماهير الشعب الأوكراني .. وبالمرة يقومون بلفت نظر العالم إلى صراع القوة الجديد .. وإنعاش أسواق البترول والذهب والسلاح مع أنه لا توجد حرب ولن تقوم .. إنهم يلعبون بالعالم وبمشاعر الشعوب ولا يهمهم سوى مصالحهم ومكاسبهم !! 

من الواضح أن المسألة عبارة عن “بالونات اختبار” يطلقها كل جانب لـ “جس نبض” الآخـر .. فروسيا تريد ضمانات من أمريكا وأوروبا بألا تتواجد تهديدات على حدودها لأن ذلك لا يجعلها فى أمان .. أما الغرب فيسعى لتوسيع حلف شمال الأطلسى شرقاً ويصل إلى ” المجال الحيوي” لروسيا .. فانضمام كييف إلى الحلف معناه الوصول إلى موسكو وباقى المدن الروسية .. ومن المؤكد أنه لا هؤلاء ولا هؤلاء يريدون الحرب ولا هم جادون فى إشعالها .. إنما التهديد والوعيد والوصول إلى حافة الهاوية لكسب أكبر قدر من المكاسب من الطرف الذى سيخاف أكثر !!

 لا نية للغزو عند روسيا بدليل تأكيد هذا المعنى عدة مرات على لسان كل المسئولين الروس بما فيهم وزير الخارجية سيرجى لافروف والرئيس فلاديمير بوتين الذى كاد يحلف بالطلاق أنه لن يغزو أوكرانيا .. ولكنه يعلم أن أمريكا فى أضعف حالاتها وعليه استغلال الفرصة .. كما أنه يشعر بأنها خدعت بلاده وضمت إلى جانبها كل دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفيتى وأن أوكرانيا هى حائط الصد الأخير عن أمن بلاده .. ولا مانع أيضاً من استخدام ورقة المعارضين فى أوكرانيا الذين يطالبون بالاستقلال فالاعتراف بهم يزيد من عدم الاستقرار وربما يؤدى زلك لإعادة سيطرة المؤيدين لروسيا على أوكرانيا . . كما ان موسكو تعلم جيداً ان أوروبا تعتمد على الغاز الروسى وليس من مصلحتها أن تقوم الحرب وهذه ورقة ضغط لضمان تحييد عدة دول أوروبية على رأسها ألمانيا التى تحصل على ثلث احتياجاتها من الغاز من روسيا !!

لدى الرئيس الأمريكى بايدن ورئيس الوزراء البريطانى جونسون متاعب ومشاكل داخلية .. فلماذا لا يتم تضخيم الأمور وتجييش آلة الإعـلام الغربية لإيهام العالم بقرب الغزو الروسى لصرف النظر عن الداخل وكسب تأييد المواطنين لأن الأمر يتعلق بالدفاع عن القيم الليبرالية والديمقراطية .. كذلك هناك خلل واضح فى توازنات القوى الدولية وبروز الصين لتتصدر المشهد .. فلابد من إظهار ” العين الحمراء ” لحليفتها روسيا على الأقل من باب حفظ ماء الوجه الغربي !! 

هى إذن لن تكون أكثر من حرب نفسية وكلامية .. لذلك ظل النفخ فى النار حتى وصلت الأمور إلى حافة الهاوية ثم يتم التراجع لان الحرب هى ما لا يريده الطرفان .. فلا أحد يرغب فى الخروج عن النص الأصلى للمسرحية وهو ” التخويف ”  وكسب الوقت واحراز أكبر قدر من المكاسب عندما يبدأ الجلوس على طاولة المفاوضات !!.

 ربما كانت الأزمة الأوكرانية هى البروفة ” الجنرال” الأخيرة للعالم الجديد الذى يتشكل وتحاول كل قوة أن يكون لها نصيب الأسد فى النفوذ والسيطرة .. وظهور التحالفات الجديدة والتوازنات التى ستحكم وتتحكم فى العالم فى المستقبل القريب خلال السنوات القليلة القادمة !!

******
.. وتحديات جديدة أمام العرب !!

يمكن تشبيه حالة الضعف الأمريكى بما حدث فى التاريخ لقوى عظمى انهارت .. فعندما بدأ الضعف يتسرب إلى أوصـال الدولة العثمانية وتنهال عليها الهزائم منذ منتصف القرن التاسع عشر أطلقوا عليها ” رجل أوروبا المريض”.. وعندما ضعفت قارة أوروبا ولم تستطع السيطرة على مستعمراتها ولا حمايتها بعد أن تقدم سكانها فى العمر وشاخوا ومزقتها الحروب العالمية بعد أن كانت تحتل العالم بدولها الاستعمارية .. ظهرت منذ منتصف القرن العشرين أمريكا وهى قوة آتية من العالم الجديد سحبت البساط من تحت أقدامها وتحولت أوروبا إلى ” القارة العجوز ” .. والآن يمكن أن نقول على أمريكا بعد ما فعله بها ترامب وهزيمة بايدن فى أفغانستان أنها تعيش نفس أجـواء ضعف الامبراطورية العثمانية وأوروبـا الاستعمارية وتحولت أمريكا إلى رجل العالم ” العجوز المريض” !! 

منذ سنوات والعالم الجديد يتشكل .. وبدأت ملامحه تتحدد مع أزمة جائحة كورونا .. ولكن ستكون هناك فترة لا يعلم مداها إلا الله لا تتضح فيها الزعامات والقوى الجديدة .. ولن تكون هناك قيادة واحدة ربما حتى تجبر الأحـداث الصين على الانفراد بالزعامة وإزاحة الولايات المتحدة عن عرشها !! .

سيكون للقوى الإقليمية خلال هذه الفترة الانتقالية مساحة أكبر مما سيدفعها لتمارس نفوذها على محيطها وعلى الدول الأصغر منها فى إقليمها.. وسيحدث ذلك فى مختلف القارات .. فروسيا التى فشلت حتى الآن فى استعادة امبراطوريتها ستسعى لدور فى محيطها وأول بالونات الاختبار هو أزمة أوكرانيا التى تحاول من خلالها السيطرة على شرق أوروبا مرة أخرى أو على الأقل الدول الملاصقة لحدودها.. وكذلك فإن ألمانيا سيكون لها شأن .. وفرنسا أيضاً يحاول ماكرون مد نفوذها من أوروبا إلى أفريقيا .. أما بريطانيا فقد خرجت من المعادلة الأوروبية بعد “البريكس” وأغلب الظن أنها ستظل تدور فى فلك أمريكا وستعمل على أن تكون هى ” المخ ” الذى يخطط وأمريكا هى ” العضلات ” التى تبطش !! .

فى الشرق الأوســط تتنافس عـدة قــوي .. وبــدأت تركيا وإيـران وإسرائيل الاستعداد لبسط نفوذها وإرادتها استغلالاً  لانشغال العرب بالحروب الأهلية التى تم إغراقهم فيها- بفعل فاعل- لكى لا يلتفتوا إلى ما يحدث حولهم .. ثم يفاجئوا مرة واحد بشرق أوسط جديد و بثلاث قوى إقليمية تتصارع عليهم أو تتحالف ضدهم  .. وربما انضم بعض العرب  إلى إيران وهناك من يختار تركيا أو يقع تحت وعود إسرائيل المعسولة !! .

وكأن العرب لا يكفيهم ما هم فيه من خلافات وانقسامات حتى يأتى تشكيل العالم الجديد وهم غير مستعدين .. فماذا تفعل القمة العربية المقرر عقدها فى الجزائر التى تأجلت عدة مرات ولم يحدد موعدها الجديد حتى الآن .. هل ستنتبه إلى هذه المخاطر والتحديات التى تضاف إلى جبال الهموم العربية .. وهل سيكون للدول العربية موقف موحد من القوى العالمية التى تسعى لقيادة العالم وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبــى وروسيا.. ومـاذا سيفعل العرب مع من يتصارعون للسيطرة على المنطقة ” تركيا- إيران- إسرائيل ” ؟! .

ستشهد المنطقة معارك على المياه والنفوذ والهيمنة .. والأهم على الثروات الاقتصادية الجديدة خاصة أن النفط سيتم الاستغناء عنه خلال 20 عاماً على الأكثر.. وإذا لم يستعد العرب بوحدتهم فلن يكون لهم وجود فالمسألة نكون أو لا نكون !! .

******
المجتمع المدني .. وقضايا البيئة

يعلم الجميع أن مصر تستضيف فى نوفمبر القادم ” بـإذن الله ” المؤتمر الدولى للمناخ ” كوب 27 “.. ورغم أنه تم إعلان 2022 ليكون عاماً للمجتمع المدنى فلم نسمع أو نقرأ عن جمعية أهلية واحدة بدأت الاستعداد لهذا المؤتمر المهم لمصر وللعالم . 

لماذا لا تقوم الجمعيات بعقد نـدوات وإقامة مؤتمرات فى القرى والنجوع لتوعية المواطنين فى ريف بحرى والصعيد بالمشاكل البيئية وتغير المناخ التى سيتضرر منها المزارعون والفلاحون ؟! . 

هل يمكن أن تتبنى جمعية أو تتعاون عـدة جمعيات لإقامة معسكرات عمل فى المدن بمختلف المحافظات لإزالة أكوام القمامة وتجميل الشوارع .. أو المساهمة فى إنشاء مصانع لتدوير المخلفات ؟! .

هل قامت جمعية واحـدة بتقديم النصائح للصيادين حتى لا يقوموا بالصيد الجائر.. أو تعليم الأطفال عدم قذف القطارات ووسائل النقل بالحجارة وتوعية المسئولين فى المحليات حتى لا يتم الاعتداء على الأشجار والزهور وقطعها من الشوارع ؟! . 

أين الجمعيات التى تقدم الشباب ليتطوعوا لاستقبال وفود مؤتمر ” كوب 27 ” ؟! .

العالم يحترم مبادرات المجتمع المدنى خاصة فى مجال البيئة وتغير المناخ.. وتقدم الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية لها الدعم المادى والمعنوى .. فلماذا لا تتحرك الجمعيات فى مصر وتستغل فرصة احتضان شرم الشيخ لمؤتمر ستتجه إليه أنظار العالم بعد عدة أشهر ؟! .

إذا كانت الجمعيات لا تعرف من أين تبدأ.. فهل تساعدها الحكومة .. وهل تقدم لها العون والنصيحة الدكتورة النشيطة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة التى لا تدخر جهداً فى سبيل الإعداد الجيد لمؤتمر شرم الشيخ ؟! .

******
الحب الضائع !!

مر ” عيد الحب ” ولـم يشعر به الكثيرون .. فلم تعد له نفس الزهوة كما فى الماضي .. عندما كان يحتفل به المحبون والأزواج والآباء والأبناء والعائلات ويتم فيه تبادل الورود الحمراء والهدايا و” الدباديب ” !! .

يا تـرى هل السر فى عـدم الاهتمام به وعــزوف الأحبة عن الاحتفال .. هو جائحة كورونا .. أم الحالة الاقتصادية وانشغال الناس بالسعى على أكل العيش .. أم التغير فى الأخلاق فلم يعد هناك حب ولا محبون .. وضاعت الرومانسية فى هذا الزمان ؟!

اقراء المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد مرة أخرى

Copyright © All rights reserved.