21 سبتمبر، 2024 - 11:10 م

شتان ما بين يناير ٧٧ و ٢٢ و بينهما !!

                              بقلم …. فهمي عنبة

فارق كبير ما بين خروج الجماهير فى مظاهرات ١٨ و ١٩ يناير عام ١٩٧٧ اعتراضا على قرارات الحكومة برفع الدعم  عن السلع الاساسية .. وبين القرارات التى أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسى خـلال اجتماعه مع رئيس الــوزراء الدكتور مصطفى مدبولى ووزير المالية محمد معيط يوم ١٨  يناير ٢٠٢٢ !! 

منذ ٤٥ عاماً جاءت قـرارات حكومة ممدوح سالم مفاجأة للمواطنين و نزلت عليهم كالصاعقة ولم يتم التمهيد لها ولا شرح أهمية ذلك للاقتصاد القومي .. وجاءت هذه الخطوة لتزيد الأعباء عليهم بينما كان الرئيس السادات والإعلام فى ذلك الوقت يحدثهم عن الرخاء مما تسبب فى إحباطهم خاصة العمال بمصانع المحلة وشـبـرا الخيمة وحلوان والإسكندرية وهم الفئة الأكثر تضرراً من الزيادات فى أسعار السلع الأساسية كالخبز والسكر والشاى والزيت حتى ولو كان بمعدل نصف قرش .. وعندما تغيب الحقائق ولا يتم تعريف الجماهير بها وشرح تبعاتها فمن الطبيعى ان يرفضها المواطن ويخرج معترضا عليها فيما يسمى ” بانتفاضة الخبز ” .. وكان من الطبيعى أيضاً ان يندس بينهم من يستغل ذلك فى إثارة الفوضى أو فى النهب والسلب مما جعل الرئيس الراحل أنور السادات يطلق عليها «انتفاضة حرامية» !! 

كانت أحداث ١٨ و  ١٩ يناير ١٩٧٧ بمثابة عقدة أو «بعبع» لكل الحكومات المتتالية خوفاً من حدوث نفس الاضطرابات .. وكان اول تصريح يخرج من أى رئيس وزراء جديد ”  انه لا مساس بالدعم ولا برغيف الخبز ” .. حتى ابتلع الدعم موازنة الدولة ولم يتجرأ أى رئيس أو أى حكومة على تغيير الوضع وانقاذ الاقتصاد من الانهيار حتى بدأ تطبيق خطوات الاصلاح فى نوفمبر ٢٠١٦ بعد أن ظلت مؤشرات النمو فى التراجع وزادت نسب البطالة والتضخم والعجز الكلى فى الموازنة .. ولم يكن هناك بديل أو أى مجال للتراجع عن الإصـلاح .. ولكن يتم ذلك بعد شرح الحقائق للمواطنين لأنهم الذين سيتحملون الاعباء وعليهم أن يقدموا التضحيات والصبر.. وكان الشعب على عهده دائماً فهو الذى يقهر المستحيل ويحقق المعجزات .. يدحر الـعـدوان الثلاثى ويبنى السد العالى ويعبر خط بارليف وينتصر فى أكتوبر .. فمن غير المصريين يمكنهم الصبر والتحمل للعبور باقتصاد وطنهم إلى بر الأمان حتى لو كان ذلك عن طريق رفع الدعم عن الطاقة . 

يشعر المواطن بأن قيادته لم تخدعه .. ولكنها صارحته بالحقيقة و بالـوضـع الذى وصل إليه حال الـبلد .. لم ينصت إلى الشائعات .. واقتطع من قوت أولاده لأنه يعلم صبره و تضحياته من أجل مستقبلهم و إصـلاح التشوهات الاقتصادية المتراكمة طوال أكثر من ٤٠ عاماً .

 وزاد من معاناة المواطنين حدوث أزمات فى حصد ثمار الإصلاح سريعاً .. فقد ضرب فيروس كورونا العالم فى جائحة لم يسبق لها مثيل عبر التاريخ أجلست كل الشعوب فى المنازل وتعطل الإنتاج .. ومن قبلها ضرب الإرهاب المنطقة .. وزادت أسعار السلع والمنتجات على المستوى العالمي .. ولكن ذلك لم يزد الشعب إلا تصميما على التضحية والصبر وهو يسير فى طريق البناء . 

يمكن ان نقول ان السنوات الصعبة قد مرت .. وفى ١٨ يناير ٢٠٢٢ كان موعد رد جزء من الجميل لهذا الشعب ليشعر بان تضحياته لم تذهب هباء.. تم رفع الحد الأدنى للرواتب إلى ٢٧٠٠ جنيه .. وسيحصل كل موظف على علاوتين .. وتزداد حوافز أهل العلم والبحث ليواصلوا مشوارهم نحو المزيد من الابتكارات والاختراعات فى مختلف المجالات .. و سيشعر أطباء
الأسنان والممرضون بتحسن فى أجورهم .. وسيتم تعيين ١٥٠ ألف معلم و معلمة خلال ٥ سنوات لسد النقص فى المدارس الحكومية  .. وبالتأكيد هى مجرد بداية لبشائر ثمار برنامج الإصلاح الذى أعلن عنه الرئيس عبد القتاح السيسى وبدأته حكومة المهندس شريف إسماعيل هذا الرجل الذى لم يأخذ حقه لانه ظل يعمل فى صمت وتحمل الكثير وكان همه الأول هو إنقاذ الاقتصاد والبلد ولو كان ذلك على حساب صحته أو كان الثمن ان يفقد ” الكرسى ” .. فإذا كان الشعب قد ضحى وتحمل فقد كان المهندس شريف إسماعيل من أوائل المضحين .. ثم جاء من بعده الدكتور مصطفى مدبولى ليكمل المشوار، 

بالطبع مازال أمامنا الكثير لإنهاء الإصلاح الاقتصادى فى مراحله القادمة .. والتى سيتم بالتأكيد شرحها للمواطنين قبل بدء تطبيقها ، والمواطن عندما يعلم الحقيقة يضحى ويكون عنصراً مساعداً ومعاوناً . 

الشعب الذى رفض فى عام ١٩٧٧  زيادة «تعريفه» على سعر الخبز هو نفسه الذى قبل وتحمل وصبر على  زيادة الاسعار والغلاء من أجل وطنه .. لذلك فمن المفروض ان يكون القادم أقل حدة من المرحلة السابقة .. وان يرافق مراحل الإصلاح القادمة  زيادة حزم الحماية الاجتماعية خاصة للشرائح الأولى بالرعاية التى بالفعل تستحق الدعم والرعاية !! 

وما بين يناير ١٩٧٧ ويناير ٢٠٢٢ كان هناك بينهما يناير ٢٠١١.. وما أدراك ما حدث فى أيام هذا الشهر وما تلاها مازلنا نعيش توابعه حتى اليوم .. ولهذا يوم آخر إذا كان فى العمر بقية !!

.. يبقى ان الزيادات المقررة فى الرواتب والعلاوات سيكون موعدها فى يوليو القادم .. والخوف أن يستغل بعض التجار الجشعين ذلك ويقومون برفع الاسعار فيلتهمون الزيادة قبل ان تدخل «جيب المواطن» .. وهذا دور الحكومة والرقابة على الأسواق والعمل على تثبيت الأسعار .. وكذلك هناك فئة تنتظر دورها فى الإنصاف وهم أصحاب المعاشات من كبار السن والأرامل واليتامى الذين لم يتحدد حتى الآن نسبة الزيادة على رواتبهم وهؤلاء بالفعل يستحقون أكبر علاوة !!
*************
السلام على طريقة إسرائيل !!

بالطبع كلنا نسعى لتحقيق السلام ونؤيد كل خطوة تقرب من تحقيقه فى أى مكان .. ولكن لا يجب ان يكون التحرك نحو السلام من طرف واحد وإلا تحول الأمر إلى استسلام !! 

إذا كـان العرب يقبلون على السلام بحسن نية و يقدمون التنازلات الواحد تلو الآخــر .. ففى المقابل فان الإسرائيليين يقابلون التحية بأسوأ رد فعل ويقومون بتهجير الفلسطينيين من منازلهم بالقوة و يستولون على أراضيهم ومنازلهم فى القدس .. ويبنون المستعمرات على الأراضى المحتلة ويقتلون الأبرياء من النساء والأطفال ويعتقلون الشباب ويرهبون المساجين ويقصفون بطائراتهم أحياء المدنيين فى رام الله وغزة ويدنسون المسجد الأقصي .. وأمام هذه الممارسات الصهيونية هل يستمر العرب فى تقديم التنازلات والسعى للسلام بحسن نية ، أم لابد من وقفة ومراجعة حتى لا يكون التطبيع مجانياً ؟! 

اتفاقات عديدة مع الدول العربية تم  توقيعها مع إسرائيل فى مجالات الاقتصاد والاستثمار والتجارة .. وقام كبار المسئولين  الاسرائيليين لأول مرة بزيارات إلى عدة عواصم عربية كانوا لا يحلمون بالاقتراب منها.. ومع ذلك لم يخجل هؤلاء الصهاينة من استمرار بطشهم ضد الشعب الفلسطينى وبناء المستوطنات فى الجولان السورية المحتلة والإعتداء على جنوب لبنان .. فإلى متى يعطيهم العرب ” شيك السلام ” على بياض دون مقابل ولو كان ضئيلاً ؟!
**************
كلنا جنودالجيش الأخضر ازرع . .تحصد بيئة نظيفة

تعالوا نتخيل لو قام كل مواطن بـزرع شجرة كل عام فى شارعه أو أمام منزلة .. أو وضع فى شرفته أو على سطح بيته أصيصاً فيه زهرة .. بالتأكيد سيكون لدينا هناك أكثر من 100 مليون شجرة ووردة كل سنة وخلال أعوام قليلة ستتحول
المدينة أو القرية إلى جنة خضراء وتصبح الحياة أجمل !! 

ازرع شجرة أو وردة تحصد بيئة نظيفة لأنها ستحل مكان القمامة التى أكوامها تسد الشوارع ومداخل البيوت .. فلماذا لا نريد أن نعيش فى جو صحى فيه مناظر تبعث على الراحة والبهجة بعيداً عن التلوث والقبح ؟! 

من سافر إلى اليونان وسار فى شوارع أثينا يجد أحياء كلها وقد زرع سكانها أشجار البرتقال واليوسفى أو الليمون أول ما تدخل للمكان تشم رائحة زهور هذه الثمار وترى أشجاراً وعليها الثمار بلونها البرتقالى أو الأصفر فى منظر بهيج يشرح الصدور .. وإذا ذهبت إلى هولندا فكأنك تسير فى حديقة فشرفات المنازل والشبابيك عليها الزهور وكذلك الأسطح مغطاة بالورد وألوانها الزاهية تجعل الحياة أحلى وتدفعك للنظر إليها وإلى النشاط وأنت ذاهب لعملك كل صباح أو إلى تجديد طاقتك وأنت عائد منه فى المساء تميل إلى رائحة الورد التى تشمها بدلاً من روائح القمامة أو المجاري !! 
المسألة بسيطة فعرس شجرة أو زهرة لا يحتاج إلى كثير من المال ولا إلى مجهود شاق .. لذلك فبيد كل مواطن أن يساهم فى الحد من التلوث البيئى بل ويحارب التغير المناخى بقيامة بزرع شجرة أو زهرة فى بيته أو فى شارعه .. فكل إنسان على وجه كوكب الأرض عليه أن يكون أول جندى فى الجيش الأخضر الذى يدافع عن بقاء البشرية و يحد من مخاطر التغير المناخي !!

اقراء المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد مرة أخرى

Copyright © All rights reserved.